نور يانغ يكتب : الانفتاح والابتكار .. معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات يُشكل مشهدًا اقتصاديًا عالميًا جديدًا

بقلم نور يانغ إعلامى صينى
ينعقد معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات (CIFTIS) لعام 2025 في بكين خلال الفترة من 10 إلى 14 سبتمبر، تحت شعار “الذكاء الرقمي يمهّد الطريق، ويُنعش تجارة الخدمات”.
وتستقطب نسخة هذا العام أكثر من 70 دولة ومنظمة دولية، وما يقرب من 2000 شركة صينية وأجنبية، من بينها نحو 500 شركة مدرجة في قائمة فورتشن 500 وأبرز الشركات العالمية الرائدة.
ويعرض المعرض ابتكارات متقدمة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والتمويل الرقمي، والخدمات اللوجستية الذكية، والسياحة الثقافية والاستهلاك. كما يُطرح خلاله 91 خدمة ومنتجًا للمرة الأولى على المستويين العالمي والوطني، ما يبرز الإمكانات الهائلة لتجارة الخدمات. وبصفته أحد أكبر المعارض العالمية المتخصصة، يُعد المعرض منصة حيوية لتقاسم الإنجازات المبتكرة واستكشاف فرص التعاون الدولي.
وفي ظل تقلبات الانتعاش الاقتصادي العالمي وتصاعد الحمائية وتزايد حالة عدم اليقين، يبعث معرض هذا العام رسالة واضحة وهى : الصين ماضية في تعزيز الانفتاح والتعاون في تجارة الخدمات، لتوفير محركات جديدة للنمو الاقتصادي العالمي.
وتشارك أستراليا، ضيف الشرف لهذه الدورة، بأكبر وفد في تاريخ مشاركاتها، فيما تقيم 54 دولة و21 منظمة دولية أجنحتها الخاصة.
ويعكس ذلك ليس فقط الجاذبية المتزايدة للمعرض، بل أيضًا الثقة العالمية بفرص التنمية التي تتيحها تجارة الخدمات.
منذ انطلاقه، شهد معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات نموًا متسارعًا مواكبًا للتطور السريع في قطاع الخدمات بالصين.
وخلال العقد الماضي، استقطب المعرض شركات ومؤسسات من نحو 200 دولة ومنطقة، وأسفر عن عشرات الآلاف من فرص التعاون الناجحة. وهو ما يعكس التأثير الدولي المتصاعد للمعرض، والدور الحيوي المتزايد لتجارة الخدمات في المشهد الاقتصادي العالمي.
شهدت تجارة الخدمات في الصين توسعًا متسارعًا خلال السنوات الأخيرة، ما جعل البلاد ثاني أكبر دولة في العالم في هذا المجال، حيث بلغت قيمة وارداتها وصادراتها من الخدمات نحو 6.5 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2024، أي ما يزيد على 7% من الإجمالي العالمي. كما تواصل صادرات الخدمات كثيفة المعرفة نموها عامًا بعد عام، وتشمل مجالات واسعة مثل البحث والتطوير والتصميم، وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات المالية، في دلالة واضحة على التحول نحو الخدمات ذات القيمة المضافة العالية والابتكار التكنولوجي المتقدم. ولم يُعزّز هذا التحول مرونة الاقتصاد الصيني فحسب، بل عاد أيضًا بالنفع على الشركاء العالميين.
والأهم أن المعرض الدولي لتجارة الخدمات لا يُمثّل مجرد واجهة لنمو قطاع الخدمات الصيني، بل يُعد أيضًا جسرًا للتعاون بين الصين والعالم. فمن خلال هذه المنصة، تتقاسم الصين أحدث خبراتها في الرقمنة والتنمية الخضراء والذكاء الاصطناعي مع الدول الأخرى، بما يُسهم في تعميق اندماج قطاع الخدمات في السوق العالمية.
فعلى سبيل المثال، طرحت الصين مبادرات لتعزيز مواءمة تدفقات البيانات عبر الحدود مع الأطر التنظيمية الرقمية، وتوسيع التعاون الدولي في مجالات ناشئة مثل التجارة الإلكترونية، والرعاية الصحية الذكية، والتمويل الأخضر. وتوفّر هذه التدابير أساسًا مؤسسيًا أمتن ومساحةً أوسع لتطوير التجارة العالمية في الخدمات.
وفي ظل التغيرات المتسارعة في نظام الحوكمة العالمية، أصبحت تجارة الخدمات، بما تتميز به من قيمة مضافة عالية، وقدرة ابتكارية قوية، ومرونة كبيرة، محركًا رئيسيًا للانتعاش الاقتصادي العالمي.
ويُجسد معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات انفتاح الصين في هذه العملية؛ فمن جهة، تعمل الصين على توسيع نطاق وصول الخدمات إلى الأسواق في مجالات متعددة مثل التمويل، والاتصالات، والرعاية الصحية، ومن جهة أخرى، يوفّر المعرض منصةً مباشرة للتبادل بين الشركات من مختلف أنحاء العالم، ما يُمكّن الدول على اختلاف مستوياتها التنموية وهياكلها الصناعية من استكشاف مجالات جديدة للتعاون. وبالنسبة للدول النامية، يُمثل المعرض فرصة ثمينة لتبادل الخبرات وجذب الاستثمارات وتوسيع الأسواق.
وعلى نطاق أوسع، يُجسّد المعرض مفهوم المنفعة المتبادلة والربح المشترك. ففي ظل النمو المتسارع للصناعات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، وسلاسل الكتل، والواقع الافتراضي، تُصبح تجارة الخدمات عنصرًا محوريًا في تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي الجديد، ومنصةً رئيسية لتعزيز التعاون الدولي بما يخدم التنمية المشتركة.