هل بدأت واشنطن العدّ التنازلي لعمل عسكري في الكاريبي؟

رغم نفي الرئيس الأميركي دونالد ترمب وجود نية لشن هجوم عسكري على فنزويلا، فإن التحركات العسكرية الأميركية المتزايدة في البحر الكاريبي تثير تساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن تقترب من مواجهة جديدة في النصف الغربي من العالم.
فبينما يصرّ ترمب على أن الهدف من العمليات هو مكافحة تهريب المخدرات، تكشف تقارير أميركية أن وزارة الدفاع حدّدت بالفعل أهدافاً محتملة داخل الأراضي الفنزويلية، تشمل مواقع عسكرية تتهم واشنطن كاراكاس باستخدامها في عمليات التهريب.
ويقول مراقبون إن الحشد العسكري الحالي — الذي يضم 8 مدمرات، وغواصة نووية، وسفينة إنزال هجومية، وحاملة الطائرات “جيرالد فورد” — يتجاوز بكثير ما تتطلبه عملية محدودة ضد شبكات المخدرات، ما يعزز الاعتقاد بأن العدّ التنازلي لتحرك أوسع قد بدأ.
الكونغرس يطالب بالتوضيح
التحركات الأميركية الغامضة أثارت قلق المشرعين في الكونغرس، حيث طالب أعضاء من الحزبين إدارة ترمب بتوضيح طبيعة العمليات وأهدافها القانونية.
ووصف السيناتور الديمقراطي مارك وارنر استبعاد المشرعين من الإحاطات الأمنية بأنه «انتهاك للدستور»، فيما اعتبرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن الضربات الأخيرة على القوارب الفنزويلية «إعدامات خارج نطاق القانون».
في المقابل، يتحرك الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بسرعة لتعزيز دفاعاته.
فبحسب وثائق مسرّبة نشرتها واشنطن بوست، بعث مادورو رسائل إلى روسيا والصين وإيران يطلب فيها رادارات وطائرات وصواريخ متطورة، كما سافر وزير النقل الفنزويلي إلى موسكو لتسليم الرسالة شخصياً.
وأكدت موسكو دعمها لفنزويلا في مواجهة التهديدات، بينما اكتفت بكين بالدعوة إلى «الحلول السلمية». لكن محللين يرون أن قدرة روسيا على تقديم دعم فعلي محدودة بسبب انشغالها في حرب أوكرانيا والعقوبات الغربية المتزايدة.
على الصعيد الداخلي، تعيش فنزويلا واحدة من أسوأ أزماتها الاقتصادية والاجتماعية؛ إذ يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ التضخم أكثر من 270% هذا العام، مع استمرار هجرة الملايين.
وفي الوقت نفسه، تواجه حكومة مادورو غضباً شعبياً متصاعداً وسط نقص حاد في الغذاء والدواء، بينما يواصل الرئيس تشديد قبضته الأمنية واعتقال معارضين واقتصاديين.
يرى مراقبون أن واشنطن أمام ثلاثة مسارات محتملة:
-
الاستمرار في العمليات المحدودة ضد قوارب تهريب المخدرات.
-
توسيع العمليات بضربات جوية رمزية داخل الأراضي الفنزويلية.
-
فتح باب المفاوضات بوساطة دول مثل البرازيل والمكسيك لتجنّب مواجهة مفتوحة.
حتى الآن، لا مؤشرات على قرار نهائي، لكن الواضح أن المنطقة تقف على برميل بارود جيوسياسي تتقاطع فيه حسابات ترمب الانتخابية، ومصالح موسكو، ومعاناة ملايين الفنزويليين العالقين بين الفقر والخوف من المجهول.




