الرئيسيةالرياضة

حين تتحوّل الأمومة إلى شبهة عمر الهلالي يكسر حاجز الصمت

يكشف المستور لاعب صاعد يُشعل جدل الهوية والانتماء في قلب أوروبا

كتب: خالد جادالله

عندما تُصبح صورة الأم رهينة لذنوب الآخرين عمر الهلالي يفتح جرحًا مسكوتًا عنه في قلب إسباني

في قلب مدينة أوروبية تنبض بالتعددية والانفتاح يكشف لاعب شاب عن قصة شخصية تمس أوتار الواقع وتفجر تساؤلات كبرى عن الهوية والانتماء والعدالة ليست مجرد واقعة عابرة في سوبرماركت بل مشهد مؤلم يعكس ما يعانيه الآلاف بصمت خلف واجهات المدن المتحضرة ولكن ما الذي يحدث عندما يُصبح الانتماء عبئًا والهوية شبهة والأمومة تهمة

وفي حديث نادر وصادم يروي عمر الهلالي أحد أبرز الوجوه الصاعدة في الكرة الأوروبية حادثة تركت أثرًا لا يُمحى في حياته ويضع إصبعه على جرح مسكوت عنه في قلب المجتمع الإسباني و لم يكن يتوقع عمر الهلالي  اللاعب المغربي الشاب في صفوف نادي إسبانيول الإسباني أن يأتي اليوم الذي يُستدعى فيه إلى أحد المتاجر ليس لشراء احتياجاته بل للدفاع عن كرامة والدته لا لأنها ارتكبت خطأ بل لأنها لم تكن تشبه الصورة المثالية التي يود البعض رؤيتها

الهلالي الذي نشأ وترعرع في مدينة لوسبيتاليت دي يوبريغات القريبة من برشلونة لم ينس تلك اللحظة التي تم فيها الاشتباه بوالدته داخل متجر فقط لأنها مهاجرة من أصول مغربية وكانت برفقة حفيدها مجرد زيارة عادية للتسوّق تحوّلت إلى اتهام مباشر بالسرقة يقول اللاعب بأسى مضيفآ اضطررت للحضور بنفسي وبمجرد أن عرفوا من أكون تغير كل شيء وكأن الكرامة مرتبطة بالشهرة لا بالإنسان

الهلالي ابن الـ21 عامًا فتح النار في تصريحاته على من وصفهم بـاالأقلية التي تسيء لباقي المهاجرين مؤكدًا أن وجود هؤلاء يضر بسمعة الجميع معظم من يأتون من المغرب أو من رومانيا أو غيرها يأتون طلبًا للعمل وبحثًا عن الفرص لكن هناك من يرفضون العمل ويكتفون بإثارة المشاكل وهذا ينعكس علينا نحن الأبرياء الذين نكافح ونبني

وقد  أحدثت تصريحاته  ضجة كبيرة في وسائل الإعلام الإسبانية خاصة بعد دعوته الصريحة لإعادة كل من يرفض احترام قوانين البلد إلى وطنه الأصلي لم يكن تصعيدًا سياسيًا بل صرخة مواطن يشعر بالغربة في وطن نشأ فيه وتابع الهلالي كاشفًا عن مشاعره اليومية أحيانًا أسير في الشارع ولا أحد يعلم أنني لاعب كرة قدم وتحدث نظرات غريبة نحوي كأنني مذنب لمجرد أنني أحمل ملامح مختلفة وهذا التوتر الاجتماعي كما يراه عمر لا يولد من فراغ بل من سوء فهم وتعميم ظالم لبعض التصرفات الفردية التي يذهب ضحيتها الشرفاء

لكن الهلالي رغم هذا كله لم يتخلَّ عن فخره بجذوره إذ اختار تمثيل المنتخب المغربي بدلًا من الإسباني برغم كونه وُلد وتربى في إسبانيا ولقد منحتني إسبانيا الكثير لكنني اخترت المغرب لأنني أحمل حبه في قلبي ووالديّ فخوران بي يقول بثقة مضيفًا عندما أنشد النشيد الوطني المغربي أشعر أنني أعود إلى جذوري

الهلالي لم يكتفِ بالكلام بل أثبت جدارته في الملعب بعد أن تألق في صفوف المنتخب المغربي لأقل من 23 سنة وفاز معهم بكأس أفريقيا 2023 قبل أن يُستدعى مؤخراً إلى المنتخب الأول بقيادة المدرب وليد الركراكي في خطوة تؤكد صعود نجم جديد يحمل معه قضايا المهاجرين فوق أكتافه داخل وخارج المستطيل الأخضر

قصة عمر الهلالي ليست مجرد حكاية لاعب كرة قدم، بل مرآة عاكسة لصراعات الهوية والانتماء في أوروبا المعاصرة و إنها شهادة حية على أن النجاح لا يعفي من الظلم، وأن الشهرة قد تزيل الشبهة لكنها لا تمحو الألم ، إنه صوت شاب وُلد بين حضارتين ويتحدث بلغتين ويعيش في عالمين لكنه في النهاية إنسان يبحث عن احترام لا يُمنح مقابل الألقاب بل يُفترض أن يكون حقًا أصيلًا لا استثناءً.

زر الذهاب إلى الأعلى