وزير الاتصالات المصري : تاريخ من الشراكة بين مصر وأذربيجان توحد بين البلدين
في كلمته بمناسبة الذكرى 107 لأستقلال جمهورية أذربيجان،

دعاء زكريا
قال الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في كلمته بمناسبة الذكرى 107 لأستقلال جمهورية أذربيجان،
سعادة السفير إيلخان بولوخوف، سفير جمهورية أذربيجان لدى جمهورية مصر العربية
أقف أمامكم اليوم نيابةً عن دولة رئيس مجلس الوزراء بجمهورية مصر العربية الدكتور مصطفى مدبولي، لأتقدم بأحر التهاني وأصدق مشاعر الاحترام إلى قيادة وشعب جمهورية أذربيجان بمناسبة عيد الاستقلال.
نحن اليوم لا نحتفل فقط بسيادة واستقلال أذربيجان، بل نحتفي أيضًا بروح الأمة الصامدة، التي ظل وهج حرّيتها مشتعلاً عبر التاريخ، منذ إعلان الاستقلال التاريخي عام 1918، وصولًا إلى التحرير المحوري عام 1991، وحتى اليوم… حيث نحتفل مع دولة حديثة نابضة بالحياة وتنظر إلى المستقبل.
أذربيجان، أرض النار، … تحرسها وتحميها النيران التي ألهمت أجيالًا متعاقبة. هذه القوة، التي ترمز إلى الصمود والتجدد، تجد صدىً عميقًا في تقديس المصري القديم للنار، باعتبارها رمزًا مقدسًا للحياة والقوة والتحول، ممثلة في الإله القديم “رع” … أحد أبرز الرموز في الفكر المصري.
في هذا الرمز المشترك، نجد استعارة قوية للصداقة والشراكة التي توحد بين بلدينا، كلاهما متجذر في تراث غني، ويغذيه شغف لا ينطفئ- لبناء مستقبل مشرق.
في قلب الثقافة الأذربيجانية، تتفتح زهرة “عندليب النحل” الرقيقة — رمز نادر وشاعري للرقي والصمود. أما خيول كاراباخ، السريعة والمفعمة بالحيوية، فهي تمثل رموزًا حية للحرية والقوة والفخر الوطني. كما أن فاكهة الرمان، المفعمة بالحياة، تظل رمزًا خالدًا للازدهار والوفرة.
وفي مصر، أيضًا، شكّل العالم الطبيعي جزءًا لا يتجزأ من هويتنا وتعبيراتنا الثقافية. من زهرة اللوتس التي كانت تتوّج التيجان الفرعونية كرمز للنقاء والتجدد، إلى الحصان العربي، الذي أبهرت أناقته وصلابته الحضارات عبر العصور — نحن نتشارك في تقديرنا للجمال والقوة والدلالات الرمزية. حتى فاكهة الرمان، المنحوتة على جدران المعابد القديمة، كانت تحمل دلالات في تراثنا باعتبارها ثمرة مقدسة مرتبطة بالخصوبة والتجدد
تذكرنا هذه الرموز المشتركة — من نباتات وحيوانات وثمار — بأنه رغم تفتح ثقافاتنا في تربة مختلفة، فإننا جزء من نسيج إنساني واحد، نسجه التاريخ والطبيعة وروح الاستمرارية.
بلدانا، رغم تباعدهما جغرافيًا، يرتبطان بقيم مشتركة والتزام راسخ بالتناغم بين تراث الماضي ووعد المستقبل.
وقد تجسد هذا الالتزام العام الماضي من خلال الزيارة التاريخية لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أذربيجان — وهي الأولى من نوعها لرئيس مصري — حيث وضعت أساسًا لتعزيز التعاون في مجالات مثل الاقتصاد الرقمي، والبنية التحتية الذكية، والابتكار. وكنا أيضًا فخورين باستقبال فخامة الرئيس إلهام علييف في مصر في يونيو 2024، مما عزز الطابع الاستراتيجي لشراكتنا
يمتد تعاوننا إلى مجالات حيوية مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وقد مثّلت مذكرة التفاهم الأخيرة بين وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية ووزارة التنمية الرقمية والنقل الأذربيجانية تجسيدًا لرؤية مشتركة تهدف إلى بناء نظم رقمية قوية، وتبادل الخبرات، وتعزيز ريادة الأعمال بين الشباب، وتبني التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي وتقنية البلوك تشين.
هذه الشراكة ليست تقنية فحسب؛ بل هي التزام مشترك بتسخير قوة التكنولوجيا التحولية لخدمة شعوبنا… من خلال تعزيز الشمول، وبناء اقتصادات قادرة على الصمود، والاستعداد للثورة الصناعية الرابعة
على الساحة الدولية، يتشارك بلدانا التزامًا عميقًا بالتنمية المستدامة والعمل المناخي. فبعد استضافة مصر COP27 في شرم الشيخ، نهنئ أذربيجان على النجاح الباهر في استضافة مؤتمر COP29 في باكو — وهو حدث أبرز قيادتكم، وعزز التوافق بين بلدينا في تشكيل مستقبل مستدام.
بينما نحتفل بهذا اليوم المميز، دعونا ندرك أن بلدينا أشبه بفسيفساء عظيمة، كل قطعة منها فريدة، لكنها تسهم في تشكيل لوحة نابضة بالحياة على الصعيد العالمي. ومثل النسيج المعقد والجميل الذي يبدعه نسّاجو السجاد المهرة في أذربيجان، فإن تاريخنا ومستقبلنا مرتبطان ببعضهما البعض من خلال القيم المشتركة، والاحترام المتبادل، ورؤية التعاون.
نسأل الله أن تنعم جمهورية أذربيجان دومًا بالسلام والازدهار والتقدم
وبينما نحتفل بالشعلة المتقدة التي تجسد الشراكة بين مصر وأذربيجان، اسمحوا لي أن أعود إلى رمز رافقنا طوال هذا المساء — النار. ففي تاريخ بلدينا، النار ليست دمارًا — بل هي الاستمرارية، والنور، والحياة نفسها. إنها الجمرة الصامتة للصمود، والشرارة المتألقة لوعد المستقبل.
فلتظل روابط الأخوة بين أذربيجان ومصر في نموٍ وازدهار، ونحن نبني معًا مستقبلًا مستدامًا وممكّنًا رقميًا لشعبينا