عرب وعالم

147 دولة تعترف بدولة فلسطين: الأمم المتحدة تعتمد قرارًا تاريخيًا وسط تصعيد إسرائيلي غير مسبوق

عبدالرحمن ابودوح

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية ساحقة، قرارًا يعترف بدولة فلسطين كـ”دولة كاملة العضوية” في الأمم المتحدة، وذلك خلال دورتها السنوية التي تعقد هذا الأسبوع في نيويورك، وسط حضور دولي واسع وهيمنة ملف الحرب الإسرائيلية على غزة على جدول الأعمال.

وصوّت لصالح القرار 147 دولة من أصل 193 دولة عضو، مقابل اعتراض 10 دول فقط، وامتناع 12 دولة عن التصويت، وهو ما يمثل تحولًا دبلوماسيًا تاريخيًا في مسار القضية الفلسطينية، ويُعد دعمًا غير مسبوق لمطلب إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.


تأييد دولي واسع رغم المعارضة الأمريكية والإسرائيلية

يأتي القرار الأممي في ظل حملة دبلوماسية فلسطينية مستمرة منذ عقود، بدأت بإعلان الاستقلال عام 1988، وتكثفت بعد عدوان إسرائيل المتواصل على غزة منذ قرابة عامين، والذي أدى إلى استشهاد وإصابة ما يقرب من ربع مليون فلسطيني وتشريد نحو مليون ونصف.
وقد أعلنت دول كبرى من بينها فرنسا، إسبانيا، النرويج، وبلجيكا عن اعترافها الرسمي بالدولة الفلسطينية، في حين أبدت دول مثل كندا والمملكة المتحدة نية الاعتراف بها بشرط إجراء إصلاحات داخلية فلسطينية، تشمل تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية.

ورغم الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، دعمت 17 دولة أوروبية على الأقل القرار، فيما عارضته كل من الولايات المتحدة، إسرائيل، كندا، جمهورية التشيك، و6 دول صغيرة في المحيط الهادئ.

حراك فلسطيني متواصل رغم العوائق

بدأ الحراك الفلسطيني الرسمي مع إعلان الدولة في الجزائر عام 1988، وتقدم بشكل ملحوظ في عام 2012 حين اعترفت الجمعية العامة بفلسطين كدولة غير عضو بصفة مراقب. وفي مايو 2024، صوتت 143 دولة لصالح قرار جديد يدعو لمنح فلسطين عضوية كاملة، لكن القرار الحالي في سبتمبر 2025 يُعتبر تتويجًا لتلك الجهود، بعد أن نال دعم أغلبية كاسحة.

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطابه أمام الجمعية العامة:

“اليوم يصوت العالم لصالح العدالة. نحن شعب تحت الاحتلال نطالب بحريتنا، ونمد أيدينا للسلام العادل والدائم”.


ردود أفعال ومواقف متباينة

ورحبت جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وحركة عدم الانحياز بالقرار، واعتبرته “انتصارًا للشرعية الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني”.
في المقابل، ردت إسرائيل بغضب على القرار، وهددت بإعادة احتلال الضفة الغربية وفرض سيطرة كاملة على قطاع غزة، واعتبرت التصويت “خطوة أحادية تُقوّض فرص السلام”، وفق تصريحات مسؤولين إسرائيليين.

أما الكونغرس الأمريكي، فقد لوّح بوقف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية، ودعا الإدارة الأمريكية إلى استخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار مماثل في مجلس الأمن.

خطوة نحو محكمة العدل الدولية

يمنح هذا القرار فلسطين حقوقًا موسعة داخل منظومة الأمم المتحدة، بما في ذلك إمكانية الانضمام إلى المعاهدات الدولية والمحاكم مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
ويسمح الوضع الجديد لفلسطين باتخاذ إجراءات قانونية ضد انتهاكات الاحتلال، خاصة المتعلقة بالاستيطان، والعدوان على المدنيين، والاستيلاء على الأراضي.

المؤتمر الدولي للسلام: فرصة أم اختبار؟

ومن المقرر أن يُعقد غدًا الإثنين، على هامش اجتماعات الجمعية العامة، مؤتمر دولي مشترك برعاية سعودية – فرنسية، من المتوقع أن تُعلن خلاله عدة دول إضافية عن اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، وسط توقعات بأن يتجاوز عدد الدول المعترفة 150 دولة.

وسيشهد المؤتمر مناقشة “إعلان نيويورك” الجديد، الذي ينص على دعم حل الدولتين، ويدعو إسرائيل لوقف عدوانها واحترام القانون الدولي.

خاتمة

يأتي هذا التطور في وقت حرج، بينما يشهد قطاع غزة أسوأ كارثة إنسانية في تاريخه الحديث، ويُطرح فيه سؤال جوهري على المجتمع الدولي:
هل سيتحول الاعتراف بفلسطين إلى خطوة عملية على طريق إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام، أم سيبقى مجرد قرار رمزي في وجه آلة عدوان لا تتوقف؟

زر الذهاب إلى الأعلى