مقالات الرأي

فلينتبه الجميع

بقلم الإعلامي/ الدكتور محمد البرماوي

هو قرار من أصعب وأهم القرارات التى قد تتخذها فى حياتك ، مثله مثل قرار الإرتباط، إنه قرار الحصول على الدراسات العليا بمراحلها المختلفة، الدبلومة والماجستير والدكتوراه- فهذا القرار وهو طريق الدراسات العليا يذكرنى بقصة النداهة والتى تناولها الأديب الراحل إحسان عبد القدوس فى فيلم روائى يحمل نفس العنوان، حيث أنه إذا وطئت قدمك أول خطوة فى هذا الطريق فقد ندهتك النداهة، فلا تستطيع الفكاك منه حتى تنتهى أو ستخسر أموالك التى أنفقتها طوال الدراسة ، وفى الحالتين فأنت طوال مدة الدراسات العليا تعد ماكينة ATM تدر أموالاً فقط، أضف إلى ذلك الجهد البدنى للتنقل بين الجامعات للحصول على أدق وأحدث المعلومات.

الان نحن نعيش مرحلة الرسائل المعلبة أو بمعنى أدق الرسائل الجاهزة، والتى انتشرت بشكل كبير وفج خلال الفترة الحالية فما عليك عزيزى الباحث سوى الدفع فقط ليقوم عدد من الأشخاص بكل شئ بعد ذلك من جمع المادة العلمية وعمل الإحصاءات وكتابة الرسالة وما عليك إلا الوقوف أمام لجنة المناقشة بعد مذاكرة الرسالة لتنال فى النهاية درجة علمية غير مستحقة، كان ذلك فى الماضى القريب سرًا ، الأن هناك صفحات على مواقع التواصل الإجتماعى لهذا الغرض وتستغل حاجة الحاصلين على درجاتٍ علمية للعمل وما أكثرهم للإنضمام لهذه الصفحات المشبوهة من خلال إغرائهم برواتب بالعملة الصعبة ، لتظهر فى النهاية الرسالة إلى النور لتذهب لشخص لا يفقه شئ سوى أنه يملك الأموال اللازمة لشراء الذمم والرسائل.

الخطر هنا مزدوج فهولاء القادرين على شراء الرسائل سواء من الداخل أو الخارج هم فى الأغلب سيكونوا أساتذة جامعيين في المستقبل القريب بدون أدنى مجهود وليس لديهم الحد الأدنى من المعرفة، أما الخطر الأكبر فسيقع على الطلاب الضحية المنتظرة لهذه الفئة.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فأصبحت الشهادات متاحة لمن يستطيع الدفع سواء للشهادات الجامعية أو شهادات الدراسات العليا دون عناء من قبل مؤسسات لا صفة علمية لها.

ومع انتشار المنظمات العابرة للحدود مؤخرًا والتى تعقد العديد من المؤتمرات والندوات تحت مسميات متنوعة ، انتشرت معها بشكل متواز دكتوراه بير السلم وهى شهادات دكتوراه وماجستير ودبلومه تمنح للمشاركين فى نهاية كل فاعلية من فاعليات هذه المنظمات والشهادة الممنوحة حسب قيمة ما تم دفعه فكلما إرتفعت القيمة إرتفعت معها الشهادة الممنوحة، من هنا انتشر فى الأونه الأخيرة الكثير من الحاصلين على درجات علمية وهمية، فتجد مثلا شخص يحمل 3 دكتوراه مع 4 ماجستير و5 دبلومة مع تكريمات وعدد لا يحصى من شهادات التقدير.

أخيرًا فإن هذه الجريمة بحاجة إلى يقظة كاملة من الوزارات والهيئات المعنية بهذا الأمر فى البلاد حتى نعيد لجامعاتنا هيبتها وريادتها العلمية لأن هذا الأمر بضر بسمعة مصر العلمية ووقف إهدار جلالة البحث العلمى وقدسيته.

زر الذهاب إلى الأعلى