
كتب : خالد جادالله
في زمن تسير فيه الأخبار بسرعة الضوء، وتغرق وسائل الإعلام في تكرار المأساة، يظل صوت غزة يتردد صدى داخلي لا يسمع جيدًا وسط صخب العالم 55362 شهيدًا، رقم صارخ في وجه العولمة الإعلامية، لكنه أكثر من مجرد رقم إنه نبض حياة إنسانية تمحى تحت أقدام الزمن، ورصاصة تتردد على جدران التاريخ .
تخيل لحظة واحدة أن كل شهيد من الـ 55362 كان يحمل في داخله قصة لم تُروَ، حلم لم يكتب ومستقبل عدم قبل أن يولد غزة ليست مجرد رقعة على الخريطة، بل هي كتاب مفتوح عن الصمود والإرادة لكنها اليوم تحولت إلى عد تنازلي لأرواحها، وصرخة مدوية على مسامع من يعتقدون أن العدالة تقاس بالقوة فقط وما لا تراه في صور التغطيات هو المشهد الحقيقي خلف الأرقام وأن كل شهيد يمثل أسرة مكسورة جيلا جديدا ضائعا بين أنقاض ما كان يفترض أن يكون حياة. العدوان لا يقتل الأجساد فقط بل يقتلع جذور الأمل، و يفرغ المستقبل من محتواه.
ولكن إلا الإحصائيات الرسمية تظهر ارقام مذهلة، لكن القصة الحقيقية أكثر عمقا وألما، فكل رقم يمثل طفلاً فقد طفولته وأما فقدت فلذات كبدها و شابا حرم من أحلامه ، هذه المأساة التي ترتكب يوميًا أمام أعين العالم ولكن هذا العدوان المستمر يكشف المأساة الحقيقه لأهالي غزة ولكن هذا الشعب الذي فقد أعدادا كبيرة من أبنائه لا يزال يصير على الحياة و يعيد بناء ما تهدم ويزرع الحياة في كل زاوية من زوايا أرضه المدمرة
غزة اليوم ليست فقط مدينة في قلب الشرق الأوسط بل هي مرآة حقيقية لكل إنسان يتطلع للعدالة والكرامة ، الرقم 55362 هو أكثر من إحصائية إنه مناداة صامتة ، ولكن غزة تعلمنا درسا قاسيا لكنه ضروري أن العدالة ليست رفاهية بل ضرورة للبقاء وأن الإنسانية الحقيقية تقاس بما نفعله في وجه الظلم وليس بما نكتفي بمشاهدته من بعيدوإنها ليست فقط مأساة شعب بل اختبار عالمي لقيمنا المشتركة والمأمول أن يكون الغد أكثر إنسانية، وأن يصبح رقم 55362 شهيدًا آخر يذكر بإدانة، لا مجرد رقم في عداد القتلى.