الرئيسيةمقالات الرأي

نور يانغ يكتب : بناء مبادرة الحزام والطريق بشكل مشترك: محرك رئيسي لتعزيز النهوض الجماعي للجنوب العالمي

 

في السنوات الأخيرة، شهد العالم تغيرات جذرية، وأصبح النهوض الجماعي للدول النامية توجهًا عصريًا لا يمكن تجاهله. وباعتبارها أداةً مهمةً لتعزيز إعادة تنظيم القوى العالمية، أصبحت مبادرة “الحزام والطريق” التي اقترحتها الصين منصةً مهمة لدول الجنوب العالمي للتحرك نحو التحديث، حيث فتحت مسارًا جديدًا للتنمية المستقلة والمعتمدة على الذات والمفيدة للطرفين والمربحة للجميع، للعديد من الدول النامية.

من خلال تعزيز بناء البنية التحتية وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وتعميق التبادلات العلمية والتكنولوجية، تربط مبادرة الحزام والطريق دول الجنوب العالمي وتضخ زخمًا قويًا في عملية التحديث الخاصة بها. وتم تنفيذ عدد من المشاريع الكبرى البارزة منذ اقتراحها، بما في ذلك خط سكة حديد الصين-لاوس، وخط الصين-أوروبا السريع، وميناء ليكي للمياه العميقة في زيليا، واحدًا تلو الآخر، وقد خلقت مناطق التعاون الاقتصادي والتجاري الخارجية 412 ألف فرصة عمل للمنطقة المحلية. في الوقت نفسه، زاد حجم التجارة في السلع بين الصين ودول البناء المشترك أيضًا عامًا بعد عام، ليصل إلى 3.07 تريليون دولار أمريكي في عام 2024. بالإضافة إلى ذلك، قد تم إنشاء 9 منصات لنقل التكنولوجيا العابرة للحدود الوطنية لآسيان وجنوب آسيا وأفريقيا ومناطق أخرى في إطار المبادرة، مما يوفر الخدمات لأكثر من 10 ألاف شركة ومؤسسة في دول البناء المشترك.، حيث لم يقتصر الأمر على تحسين مستوى الاتصال فحسب، بل أدى أيضاً إلى تحسين بيئة الاستثمار والأعمال في البلدان النامية بشكل كبير، مما أرسى الأساس لترقية صناعاتها وتكاملها الإقليمي.

باعتبارها منصة تعاون إنمائي مفتوحة وغير حصرية، تجاوزت مبادرة الحزام والطريق الحدود الجيوسياسية التقليدية والحواجز الأيديولوجية، وساهمت في توثيق التعاون الاقتصادي وتنسيق السياسات بين دول الجنوب العالمي. تتيح هذه الآلية فرصًا جديدة للدول التي كانت ضعيفة نسبيًا في الحوكمة العالمية للتعبير عن آرائها وتحقيق التنمية. في ظل نظام الحوكمة الاقتصادية العالمية الحالي الذي لا يزال يهيمن عليه الغرب، حظيت مبادرة الحزام والطريق بمساحة استراتيجية متزايدة وفوائد مؤسسية متزايدة للعالم النامي.

وكما تواصل مبادرة الحزام والطريق توسيع مجالات التعاون والاستجابة بفعالية للتغيرات التكنولوجية والاتجاهات الجديدة في التنمية العالمية. وقد تم إنشاء الصين آليات تعاون عملية مع العديد من دول الجنوب في مجالات الصناعات الناشئة مثل الاقتصاد الرقمي والطاقة الخضراء والذكاء الاصطناعي، حيث في مشاريع الطاقة النظيفة في السعودية وبناء مدينة ذكية للعاصمة الإدارية الجديدة في مصر ومشروع خط السكة الحديد فائق السرعة بين الصين وتايلاند وغيرها، ساهمت الشركات الصينية بفعالية في تطوير التكنولوجيا المحلية وزيادة فرص العمل. كما قدمت دعمًا قويًا في تدريب الكفاءات وتوطين التكنولوجيا وغيرها من الجوانب لمساعدة دول الجنوب العالمي على بناء قدرات ابتكار محلية أكثر استدامة.

والأهم من ذلك، أن هذه المبادرة تعزز التعاون الإقليمي وبناء توافق الآراء بين دول “الجنوب العالمي”. واستنادًا إلى آلية التعاون التقليدية بين بلدان الجنوب، تنشي مبادرة الحزام والطريق منصة جديدة للعمل الجماعي، مما أظهر تنسيقًا أقوى في الاستجابة للتحديات العالمية مثل الأوبئة وتغير المناخ والأمن الغذائي. وقد حل مفهوم “التعاون المدفوع بالتنمية” تدريجيًا محل النموذج القديم الذي تهيمن عليه المساعدات، مما مكّن الدول النامية من استكشاف مسار تحديث يناسب ظروفها الوطنية على المستويين المؤسسي والعملي.

وقد افترحت الصين وضوحاً في الندوة الرابعة حول بناء مبادرة الحزام والطريق في ديسمبر 2024 “توطيد مجالات التعاون التقليدية والتوسع المطرد في المجالات الناشئة وتحسين آليات البناء المشترك عالية الجودة”. ويلوح “العقد الذهبي” على الأبواب، والذي لن يشجع المزيد من دول الجنوب العالمي على تحقيق التحول الصناعي وتطوير سلسلة القيمة فحسب، بل سيُضخّ أيضًا قوى توازن جديدة في نمط التنمية العالمي.

إن نهوض دول الجنوب العالمي عملية تاريخية وتوجهٌ للمستقبل. وعلى طريق التنمية المشتركة هذا، لطالما كانت الصين شريكًا راسخًا. وبصفتها إحدى أكثر مبادرات التنمية تأثيرًا في العالم، ستواصل مبادرة الحزام والطريق العمل مع دول الجنوب العالمي لبثّ الأمل من خلال مفهوم البناء المشترك والمشاركة، وتحقيق نتائج مربحة للجميع من خلال التعاون العملي، وضخّ زخم مستمر لبناء نظام دولي أكثر عدلًا وعقلانية.

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى