الرئيسيةعرب وعالم

المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية يطالب بإنهاء الحرب الإسرائيلية وإحلال السلام الشامل

عبدالرحمن ابودوح

شهدت مدينة نيويورك اليوم انطلاق أعمال المؤتمر الدولي رفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية، برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية وفرنسا، والذي طالب بإنهاء فوري للحرب الإسرائيلية المستمرة منذ ما يقرب من عامين في قطاع غزة، وإحلال سلام عادل وشامل. وركز المؤتمر على تفعيل حل الدولتين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، بهدف تجسيد رؤية عادلة ومستدامة للسلام في الشرق الأوسط.


 

دعوات لإنصاف الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة

 

شدد المؤتمر على ضرورة إنصاف الشعب الفلسطيني وتمكينه من نيل حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

رئيس الوزراء الفلسطينى محمد مصطفى
رئيس الوزراء الفلسطينى محمد مصطفى

من جانبه، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى، أن هذا المؤتمر يحمل “وعدًا وتعهدًا للشعب الفلسطيني بأن الظلم التاريخي الذي لحق بهم يجب أن ينتهي، وأن ما يحدث في غزة هو أحدث وأوحش تجلياته، ونحن جميعًا مدعوون أكثر من أي وقت مضى للتحرك”. وأضاف أن المؤتمر رسالة للعالم بأن “العالم يدعمنا في تحقيق حقوقنا في الحياة والحرية والكرامة وأرضنا، وحقنا في دولتنا ذات السيادة”، ورسالة للإسرائيليين مفادها أن هناك طريقًا للسلام والتكامل الإقليمي عبر استقلال الشعب الفلسطيني.


 

السعودية وفرنسا تؤكدان على حل الدولتين

وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان
وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان

صرح وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، بأن المؤتمر يشكل “محطة مفصلية نحو تفعيل حل الدولتين وإنهاء الاحتلال وتجسيد رؤية عادلة ومستدامة للسلام في الشرق الأوسط”. وأشاد بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، واصفًا إياها بـ”الخطوة التاريخية التي تعكس تنامي الدعم الدولي لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة”.

وأكد الأمير فيصل أن تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لجميع شعوب المنطقة يبدأ بإنصاف الشعب الفلسطيني وتمكينه من نيل حقوقه المشروعة، مشددًا على أن “الدولة الفلسطينية المستقلة هي مفتاح السلام الحقيقي في المنطقة”. ودعا إلى تضافر الجهود الدولية لدعم الشعب الفلسطيني في بناء مؤسساته ودعم التسوية السلمية، مطالبًا بالوقف الفوري للكارثة الإنسانية في غزة ومحاسبة المسؤولين عنها. كما أكد أن مبادرة السلام العربية لعام 2002 هي أساس جامع لأي حل عادل وشامل، ودعا الدول إلى الانضمام للوثيقة الختامية للمؤتمر التي تشكل “خارطة طريق مشتركة نحو تنفيذ حل الدولتين”.

وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو
وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو

بدوره، أكد وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، على أن “المشاركة الواسعة في المؤتمر تؤكد الإجماع والحشد من المجتمع الدولي حول نداء وقف الحرب في غزة”. وشدد على ضرورة أن يكون المؤتمر نقطة تحول لتطبيق حل الدولتين، مؤكدًا أن “هذه الحرب استمرت لأكثر مما ينبغي ويجب أن تتوقف”. ودعا إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار والإفراج عن جميع الرهائن.


 

الأمم المتحدة: حل الدولتين هو المسار الوحيد الموثوق به

الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش

أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن “حل الدولتين هو المسار الوحيد الموثوق به لتحقيق سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهو الشرط الأساسي للسلام في الشرق الأوسط الأوسع”. لكنه حذر من أن “وصلنا إلى نقطة الانهيار” وأن هذا الحل “أبعد من أي وقت مضى”.

وشكر غوتيريش السعودية وفرنسا على تنظيم المؤتمر، مؤكدًا أن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني “لا يزال يحصد الأرواح ويدمر المستقبل ويزعزع استقرار المنطقة والعالم”. ودعا إلى بذل مزيد من الجهود لتحقيق حل الدولتين، معتبرًا مؤتمر اليوم “فرصة نادرة ولا غنى عنها” يجب أن تكون “نقطة تحول حاسمة”. وأشار إلى أن حل الدولتين هو الإطار الوحيد المتجذر في القانون الدولي، وينص على قيام دولتين مستقلتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبًا إلى جنب في سلام وأمن، ضمن حدود آمنة ومعترف بها على أساس خطوط ما قبل عام 1967، مع القدس عاصمة للدولتين.

وشدد غوتيريش على أن “شيئًا لا يمكن أن يبرر تدمير غزة الذي يتكشف أمام أعين العالم”، منتقدًا “تجويع السكان، ومقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وتفتيت الأرض الفلسطينية المحتلة”. كما أكد أن “التدمير الشامل” لغزة لا يُحتمل ويجب أن يتوقف، وأن “الإجراءات الأحادية التي من شأنها أن تقوض حل الدولتين إلى الأبد غير مقبولة ويجب أن تتوقف”.


 

مخرجات وتطلعات المؤتمر

 

يهدف المؤتمر، الذي تستمر أعماله حتى 30 يوليو الجاري بمشاركة واسعة من الدول والمنظمات الدولية، إلى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وفتوى محكمة العدل الدولية التي أكدت عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي. ولا يقتصر هدفه على إطلاق مسار سياسي جدي وملزم بجدول زمني، بل أيضًا على تأسيس التزامات دولية واضحة لدعم الدولة الفلسطينية سياسيًا واقتصاديًا، ومساندة برنامج الحكومة الإصلاحي والتنموي، وتعافي غزة وإعادة إعمارها بعد وقف الحرب.

من أبرز مخرجات المؤتمر المتوقعة، تحرك دولي جماعي لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة فورًا، ووقف المجاعة والتهجير القسري، وإدخال المساعدات، وضمان حماية فعلية للشعب الفلسطيني. كما سيشمل التزامات من الدول باتخاذ خطوات محددة زمنيًا، لا رجعة فيها، تبدأ بالاعتراف الفوري بدولة فلسطين، بهدف تسوية عادلة ترتكز على حل الدولتين.

وسيبحث المؤتمر أيضًا الدعم السياسي والاقتصادي المباشر للحكومة الفلسطينية وبرنامجها الإصلاحي، وصولًا إلى مناقشة مشاريع استراتيجية مثل المطار والميناء والمعابر، وضمان وصول الفلسطينيين إلى مواردهم الطبيعية. كما سيعمل على تشكيل بعثة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار تحت إشراف الأمم المتحدة ومجلس الأمن، واتخاذ إجراءات حقيقية لمواجهة الاستيطان والضم ونزع سلاح المستوطنين.

وتبحث الأطراف المشاركة سبل دعم تنمية القطاع الخاص الفلسطيني، وإزالة القيود على الحركة والوصول، ودمج فلسطين بالكامل في النظامين المالي والنقدي الدوليين، والعمل على نيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة والمؤسسات المالية العالمية. ويعد المؤتمر نقطة مفصلية ومسارًا ستتم متابعته بدقة، والمساءلة على مخرجاته، والإصرار على ترجمتها إلى واقع سياسي واقتصادي يغير حياة الشعب الفلسطيني ويؤسس لدولة فلسطين المستقلة.

زر الذهاب إلى الأعلى