مقالات الرأي

دكتور العشماوي عبدالكريم الهواري يكتب : The Gate of the Chosen باب الميامين

قصة قصيرة للكاتب دكتور العشماوي عبدالكريم الهواري

استاذ واستشاري ترميم وصيانة المباني والمنشات الاثرية رئيس قسم ترميم وصيانة الاثار

في صحراء وادي شيتون او ما يسمي بوادي الشيطان في مدخلة الغربي حيث مدخل التداخل بين الانس والجن، هذ المدخل الصغير الذي تدخله مواربا بجانبك وما ان تجتازه تجد نفسك في عوالم مغايرة زمانيا ومكانيا في منطقة يقال لها ( السديرة) وتسمي مملكة الجن، و تحت الرمال التي لم تُقلب منذ قرون، كان هناك مقبرة تُعرف باسم قبر الملك الماسي – آخر ملوك العصور القوية، لا يُقارن بفرعون، بل قيل إنه من أوتي ملكًا عظيما.
دخل العالم البريطاني Dr. Michael Arlen المقبرة مصادفة، باحثًا عن أي شيء يملأ به سطور مقاله الجديد في مجلة علم الآثار. لكن ما وجده كان أعظم: بردية مكتوب عليها بلغة منقرضة، لم يكن يعرفها سوى القلائل. ترجمها مساعده فيما بعد، وكانت أول جملة كافية لزعزعة أي عقل:
“The mightiest army ever forged lies imprisoned beneath the feet of men, for their protection.”
بدهشة، أعاد مايكل قراءتها. لكنها لم تكن تتحدث عن الملك الفضي، بل سبقت عصره بألفي عام. وهذا غريب، لأنها وُجدت في مقبرة أحدث بكثير.
قرر مايكل أن يتركها على مكتبه للمراجعة… لكنه عندما عاد صباحًا، اختفت.
قال له الحارس:
– “آخر من غادر الليلة كان الدكتور Elias Crane. وكان يحمل شيئًا تحت معطفه.”
لم يحتج مايكل لتفسير. إلياس كان دائمًا مهووسًا بالاكتشاف، ليس لأجل المعرفة، بل لأجل ما تمنحه من هيبة وسلطة.
ركب مايكل سيارته وانطلق إلى الجبال جنوبا ، حيث تشير الخريطة القديمة التي نُسخت من البردية، إلى موقع قرية منسية تُعرف باسم ALSEDERA السديره وتعني باب مملكة الجن.
دخل مايكل القرية وقت الغروب، والسماء تموج بالألوان وكأنها تعرف ما سيحدث. سأل عن إلياس، فقاده أحد الأطفال إلى موقع الحفر.
رآه هناك، واقفًا فوق مرتفع ترابي، يحمل البردية ويتلو كلماتها بصوتٍ جهوري أمام عشرات من القرويين البسطاء الذين خدعهم بوعد المجد والثروة.
صرخ مايكل:
– “أنت لا تعلم ما تفعل! الباب تحت قدميك لا يقود إلى كنز، بل إلى جيش من اللعنة! جيش حُبس كي نحيا نحن!”
ابتسم إلياس، وقال بثقة المنتصر:
– “ومن قال إننا لا نحتاج هذا الجيش؟ العالم اليوم لا يُقاد بالمعرفة، بل بالقوة. والبردية مفتاح، وسأكون حاملها.”
أمر أتباعه بتقييد مايكل، وربطوه في جذع شجرة، أمام الباب الحجري مباشرة.
قال له إلياس وهو ينظر إلى القمر:
– “لقد تأخرت يا صديقي. زمن الحذر انتهى. نحن في زمن السوق المفتوح… من يملك القوة، يملك الرواية.”
حين فُتح الباب أخيرًا، خرجت سبعة كائنات عملاقة، بملابس عسكرية من زمن غير معروف. أعينهم تضيء بلون أصفر قاتم. كل منهم وقف على رأس جيش من المقاتلين الذين لا يتكلمون، ولا يتنفسون.
هم الميامين The Chosen.
جنود من بعد آخر، لا يموتون، لا يجوعون، لا يرحمون.
رفع إلياس البردية، وقرأ الميثاق. توقفت الجيوش فجأة. ثم ركع الملوك السبعة أمامه، وقدموا له تاجًا من حديد نيزكي لا يصدأ، يُقال إنه من صنع كائنات لا يعلم زمانها.
قال إلياس بصوتٍ يشبه النشوة:
“هذا هو التسويق الحقيقي يا مايكل… أن تبيع العالم فكرة لا يفهمها، وتجعله يخشاها ويشتريها.”
لكن الفجر بزغ. والجيوش انسحبت إلى الحفرة كما تنسحب الظلال أمام الشمس. وقال إلياس:
– “سأعود الليلة… وهذه المرة، لن أكون وحدي.”
في المساء، وبينما الجميع يتأهب، اقترب من مايكل شابٌ لا يعرفه أحد. هادئ، يحمل كتابًا صغيرًا برمز غريب. همس له:
– “أنا من بقايا العهد الأول. وأعلم أن الميامين ليسوا من البشر… إنهم من جنٍ يُطردون من الأرض برائحة “Resin of Halit” – الحلتيت.”

أكمل الشاب:
“إن نثرناه حول الحفرة، وأشعلناه، لن يخرجوا. لكن البردية؟ هي الختم. لا بد من حرقها.”
نفذ مايكل الخطة. أحرقوا الراتينج المقدس، وانتشرت رائحته الخانقة. ومع أول زفير من الحفرة، صرخت الكائنات. وخرج إلياس، مترددا، مرتبكًا.
انقض عليه أحد الشبان، لكنه طعنه. وبينما يسقط الشاب، خطف مايكل البردية، وألقاها وسط النار.
صرخ إلياس:
– “ستندمون! العالم سيعرف… وسيفتح أحدهم الباب يوماً ما…”
ثم قفز داخل الحفرة، وأُغلقت عليه.
اقترب مايكل من الشاب الذي لفظ أنفاسه الأخيرة وهو يقول:
– “لسنا وحدنا. الخير له جنوده أيضاً. إن سقط جسدي، فلا تحزن… الروح لا تُقيد.”
ثم اختفى.
في جيب مايكل، ورقة كتب عليها:
“السلطة التي تأتي من باب الجحيم، لا تُستخدم لإضاءة العالم.”

ومنذ ذلك الحين، دُفنت الحفرة. ونسجت القرية حولها أساطير جديدة، ولم يُذكر اسم إلياس بعد ذلك… إلا في أوراق باحثين يهمسون:
“هل كان إلياس مسوقًا عبقريًا؟ أم بوابة شر؟ أم كلاهما؟”

زر الذهاب إلى الأعلى