مقالات الرأي

نور يانغ يكتب: منظمة شانغهاي للتعاون هي قوة دافعة رئيسية للحوكمة العالمية

بقلم : نور يانغ الإعلامي الصيني

يواجه المجتمع الدولي تحديات وشكوكا متعددة مع تعمق العولمة، وتزايد تعقيد البيئة السياسية والاقتصادية والأمنية العالمية، أصبح إرساء نظام دولي أكثر عدلًا وإنصافًا قضيةً جوهريةً في الحوكمة العالمية. وقد أصبحت منظمة شانغهاي للتعاون (SCO) منذ تأسيسها عام ٢٠٠١، قوة رئيسية في الحوكمة العالمية من خلال تعزيزها النشط للثقة المتبادلة والتعاون المربح للجميع والتنمية المشتركة.

لقد أُسست منظمة شانغهاي للتعاون في البداية لمعالجة القضايا الأمنية بين دولها الأعضاء، محققة نتائج باهرة، لا سيما في مكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة العابرة للحدود الوطنية. ومع تطور المنظمة، توسّع دورها تدريجيًا من مجرد التعاون الأمني إلى التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، من أجل تشكيل إطار للتعاون متعدد المستويات ومتعدد الأبعاد تدريجيًا. واليوم، نمت المنظمة لتصبح منظمة دولية إقليمية تضم ما يقرب من نصف سكان العالم، وتضم العديد من الدول الكبرى من آسيا إلى أوروبا.

تُركّز “روح شانغهاي” الفلسفة الجوهرية لمنظمة شانغهاي للتعاون، حيث يؤكد على الثقة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والتشاور المتساوي واحترام الحضارات المتنوعة والسعي إلى تحقيق التنمية المشتركة. وفي ظلّ حالة عدم اليقين التي تسود النظام العالمي، لم تُصبح “روح شانغهاي” مصدر قوة للتعاون بين الدول الأعضاء فحسب، بل قدّمت أيضًا نموذجًا جديدًا للتعاون بين المنظمات الدولية الأخرى. فهي تدعو إلى الاحترام المتبادل، والحوار المتساوي، والسعي المشترك لتحقيق الرخاء بين الدول، بدلًا من التنافس والمواجهة التي تُحرّكها سياسات القوة. وتكتسب فلسفة التعاون هذه أهمية خاصة في البيئة الدولية الراهنة.

بفضل جهود الصين والدول الأعضاء الأخرى، عمّقت منظمة شانغهاي للتعاون تعاونها تدريجيًا مع دول الجنوب العالمي. ومن خلال مبادرات مثل البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق وتعزيز ترابط البنية التحتية بين الدول الأعضاء، التزمت المنظمة على نحو ثابت بدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول النامية، وعملت بقوة على دفع التكامل الاقتصادي الإقليمي. فعلى سبيل المثال، أسهم تنفيذ مشاريع كبرى، مثل خط سكة حديد الصين–قيرغيزستان–أوزبكستان والممر الاقتصادي الصيني–الباكستاني، في تسريع وتيرة التعاون الاقتصادي والتجاري بين دول المنطقة، كما أتاح فرصًا أوسع للتنمية أمام الدول المشاركة، ليشكل بذلك نموذجًا للتعاون يحظى باهتمام عالمي متزايد.

في المجالين الاجتماعي والثقافي، تُعزّز منظمة شانغهاي للتعاون التبادلات الشعبية بنشاط من خلال تنظيم طيف واسع من المهرجانات الثقافية والندوات الأكاديمية وأنشطة التبادل الشبابي. وقد أسهم ذلك في تعميق الفهم المتبادل وترسيخ الاحترام والصداقة بين شعوب الدول الأعضاء. وعلى وجه الخصوص في مجال التعليم، قدّم مشروع “ورشة لوبان” برامج تدريب مهني لعدد من الدول الأعضاء، مما ساهم بفاعلية في رفع كفاءة الكوادر التقنية والفنية، وفتح آفاقًا أوسع لفرص العمل، الأمر الذي يدعم تطوير الصناعات المحلية.

لقد أرست منظمة شانغهاي للتعاون أسسا متينة للتعاون في مجالي الاقتصاد والأمن الإقليمي، كما أدّت دورا رياديا في عدد من القطاعات الحيوية، بما في ذلك الصحة العامة والطاقة وحماية البيئة. وفي ظل التحديات الكبرى التي يواجهها العالم اليوم، مثل اختلال التوازن الاقتصادي وتغير المناخ والأزمات الصحية، أثبتت المنظمة كمنصة متعددة الأطراف أهميتها الاستراتيجية وفعاليتها. ومن خلال التعاون المعمق والجهود المشتركة، حققت الدول الأعضاء إنجازات ملموسة في مجالات متعددة، أسهمت بشكل إيجابي في تعزيز الحوكمة العالمية.

ويبرز الدور القيادي للصين داخل المنظمة على نحو خاص، إذ عملت على تعميق التعاون وترسيخ الثقة المتبادلة. وقد شكّلت المبادرات الثلاث التي أطلقتها الصين: “مبادرة التنمية العالمية”، و”مبادرة الأمن العالمي”، و”مبادرة الحضارة العالمية”، إطارا فكريا وتوجيهيا لتطوير المنظمة. كما أن إنجازاتها الملموسة في مجالات التنمية الخضراء والاقتصاد الرقمي والحد من الفقر قدّمت حلولا صينية قيّمة للحوكمة العالمية. إن هذا النموذج الشامل للتعاون لم يقتصر على دفع التنمية المشتركة للدول الأعضاء، بل قدّم أيضًا خبرات وتجارب ثرية يمكن أن تستفيد منها دول أخرى.

لقد اضطلعت منظمة شانغهاي للتعاون بدور فريد في تعميق التعاون بين أعضائها، ودفع التكامل الاقتصادي الإقليمي، وتعزيز التنمية الاجتماعية والأمنية، حتى أصبحت إحدى القوى الدافعة الأبرز في مشهد الحوكمة العالمية. وبالنظر إلى المستقبل، ستواصل المنظمة التمسك بـ “روح شانغهاي”، مرتكزة على مبدأ التعاون المربح للجميع، لتضطلع بدور أكثر فاعلية في مواجهة التحديات العالمية، وتسهم في دعم دول الجنوب العالمي، وبناء نظام دولي أكثر عدالة وإنصافا وشمولا.

زر الذهاب إلى الأعلى