عرب وعالم

الرئيس نواف سلام: الجامعة العربية ركيزة السيادة الجماعية.. والمستقبل العربي يصنع بالتكامل لا بالشعارات

 

القاهرة – أيمن عامر

 
دعا الرئيس اللبناني نواف سلام إلى إحياء مفهوم العروبة كقوة فعلٍ واستشرافٍ للمستقبل، مؤكدًا أن جامعة الدول العربية يجب أن تتحول إلى “عقلٍ جمعيٍّ عربيٍّ فاعل” وأداةٍ استراتيجية لحماية المصالح الجماعية، وتعزيز التعاون في مجالات الأمن، والتنمية، والمعرفة، والمصلحة المشتركة.

جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس سلام خلال مشاركته في اجتماع جامعة الدول العربية بالقاهرة، بحضور الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط وعدد من الوزراء والمندوبين الدائمين، حيث عرض رؤية لبنان لدور الجامعة في عالمٍ تتسارع فيه التحولات السياسية والاقتصادية، مؤكدًا أن العروبة ليست ماضيًا يُستذكر بل مشروعًا يتجدد مع كل جيل.

وقال الرئيس سلام:

“ليست الجامعة مجرّد مبنى أو أمانة عامة؛ إنّها ذاكرة مؤسسية لإرادةٍ عربية لا تنقطع، وإطار حيّ لوجدانٍ جمعيٍّ صنعه التاريخ في محنه كما في نجاحاته. ومن يملك الذاكرة، يملك القدرة على رسم المستقبل.”

وأضاف أن العالم العربي يعيش لحظةً فارقة تستدعي إعادة تعريف مفهوم الأمن القومي العربي على أسسٍ حديثة، تشمل الأبعاد الاقتصادية والتعليمية والتكنولوجية والاجتماعية إلى جانب البعد العسكري، مشددًا على أن “البنادق لا تحمي وطنًا جائعًا ولا مجتمعًا منقسمًا على ذاته.”

وفي الشأن الفلسطيني، أكد الرئيس سلام أن فلسطين تظل القضية المركزية للعرب، موضحًا أن العدوان الإسرائيلي المتواصل كشف “عمق الغياب العربي، لكنه أيضًا أحيا الأمل بوحدة الضمير الإنساني الداعم لعدالة القضية الفلسطينية.”
ودعا إلى إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان والتمسك بمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، مؤكدًا رفض لبنان أي محاولة لتهجير الفلسطينيين أو توطينهم، وأهمية دعم وكالة الأونروا في أداء دورها الإنساني.

كما تناول الرئيس سلام ملف الأمن المائي والغذائي والطاقة، باعتباره جزءًا من الأمن القومي العربي، مؤكدًا أن “المياه في منطقتنا شريان حياة ومصدر استقرار اقتصادي واجتماعي”، وداعيًا إلى دبلوماسية مائية عربية تقوم على التعاون واحترام الحقوق التاريخية المشتركة.

وأكد الرئيس اللبناني أن المصلحة العربية المشتركة يجب أن تتحول إلى نظام حياةٍ مشتركٍ لا إلى شعارٍ سياسيٍّ مؤقت، مضيفًا:

“المصلحة المشتركة، حين تُبنى على الرؤية لا على الظرف، تتحوّل من خيارٍ سياسيٍّ إلى قاعدةٍ وجودية، ومن فكرةٍ إلى طاقةٍ خلاقة.”

وقدّم سلام مجموعة من المبادرات العملية للتكامل العربي، أبرزها:

  • إنشاء منطقة عربية للتعليم العالي والبحث العلمي تحت اسم برنامج ابن خلدون للتبادل الأكاديمي.
  • تأسيس تحالف عربي للاقتصاد الأخضر والأمن المائي.
  • مدّ الممرات اللوجستية العربية – الإفريقية لتكون جسور تنمية لا خطوط تماس.
  • إنشاء آلية عربية لتسوية المنازعات الاستثمارية.
  • تأسيس منصة عربية للخبرات والكفاءات في المهجر لتحويل الهجرة إلى طاقة للمعرفة ورأس المال.

وفي الشأن اللبناني، شدد الرئيس نواف سلام على أن بلاده ماضية في تنفيذ اتفاق الطائف وقرار مجلس الأمن 1701 كاملًا، مؤكّدًا تمسك لبنان بسيادته الكاملة واستقلال قراره الوطني، وداعيًا إلى دعم عربي فاعل لإلزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة ووقف اعتداءاتها المتكررة.

واختتم الرئيس سلام كلمته بالتأكيد على أن النهضة العربية الجديدة تبدأ من تحويل المؤسسات إلى ثقةٍ متبادلة بين الشعوب والدول، قائلًا:

“العروبة ليست ذاكرة، بل أفقٌ مفتوح نحو المستقبل… والمستقبل يبدأ عندما نقرر أن نكون جزءًا منه، لا مجرد شاهدين عليه.”

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى