تصعيد إسرائيلي يهدد الهدنة

يشهد ملف الأسرى الفلسطينيين توترًا متصاعدًا في ظل إجراءات إسرائيلية جديدة وُصفت بأنها «انتقامية وفاشية»، ما أثار مخاوف من أن تكون مقدمة لانهيار اتفاق وقف إطلاق النار القائم، ودخول المنطقة في مرحلة جديدة من التصعيد.
ندّد المركز الفلسطيني لحقوق الأسرى بقرارات الاحتلال الأخيرة، مؤكدًا أن الحكومة الإسرائيلية «تقتات على دماء وعذابات الأسرى»، وأن سلوكها «يعكس طبيعتها الفاشية وسياساتها الانتقامية الممنهجة بحق الشعب الفلسطيني».
وحذّر المركز من أن تبعات هذه الخطوة الخطيرة ستكون أكثر دموية، مشيرًا إلى أن استمرار إسرائيل في انتهاكها السافر للقانون الدولي والاتفاقيات الإنسانية «سيقود المنطقة بأكملها إلى دوامة جديدة من العنف والمجهول».
وفي ختام بيانه، دعا المركز إلى موقف وطني فلسطيني موحد، يضم المستويات الرسمية والفصائلية والشعبية، دعمًا للأسرى ورفضًا لما وصفه بـ«الخطوة الإسرائيلية الفاشية» التي تستهدف كسر صمودهم داخل السجون.
تأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه التساؤلات حول مدى صمود اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته أطراف إقليمية ودولية قبل أشهر، في أعقاب العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
ويرى مراقبون أن تضييق الاحتلال على الأسرى، وعمليات الاقتحام المتكررة في الضفة الغربية، واستهداف المخيمات الفلسطينية كلها مؤشرات على أن تل أبيب تتعامل مع الاتفاق كأداة سياسية مؤقتة لا التزامًا فعليًا.
ويشير محللون إلى أن تصعيد الإجراءات داخل السجون، وخاصة بعد تصريحات مسؤولين في حكومة نتنياهو بضرورة «تشديد العقوبات» على الأسرى، يُعد رسالة واضحة بأن التهدئة في خطر وأن «الانفجار القادم مسألة وقت».
في المقابل، تحاول الفصائل الفلسطينية توحيد موقفها السياسي والشعبي تجاه التطورات الأخيرة.
فقد صدرت دعوات من حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى اعتبار ما يحدث داخل السجون «تصعيدًا خطيرًا يستوجب الرد»، بينما دعت السلطة الفلسطينية المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته ووقف ما وصفته بـ«الانتهاكات المنهجية ضد الأسرى».
وتسعى القوى الفلسطينية إلى استثمار هذا الملف لتقوية موقفها الداخلي، في ظل تزايد الغضب الشعبي من سياسة الاحتلال، وتراجع الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في الأراضي الفلسطينية.
يرى محللون أن التهدئة الهشّة قد تنهار في أي لحظة إذا استمرّت إسرائيل في استفزازاتها، خاصة في ظل غياب ضامن دولي قوي قادر على إلزام الأطراف ببنود الاتفاق.
ويحذر مراقبون من أن أي تدهور جديد في ملف الأسرى أو اقتحامات الضفة قد يؤدي إلى انفجار ميداني واسع النطاق، يعيد الأوضاع إلى مربع الصراع المفتوح.
وبينما تواصل إسرائيل سياسة التصعيد تحت ذرائع أمنية، يحذّر المراقبون من أن السكوت الدولي على الانتهاكات قد يُغري تل أبيب بالمضيّ قدمًا في إجراءاتها القمعية، ما يجعل مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار على المحك.
يبقى السؤال الذي يشغل الساحة الفلسطينية اليوم:
هل ما يجري مجرد ضغط سياسي مؤقت في إطار مفاوضات غير معلنة، أم أننا نشهد فعلاً تفكك اتفاق وقف إطلاق النار وبداية مرحلة جديدة من المواجهة؟
في ظل غياب أي مؤشرات لتهدئة حقيقية، يبدو أن المنطقة تقف على حافة انفجار جديد، وأن ملف الأسرى قد يتحول من قضية إنسانية إلى شرارة سياسية تشعل الميدان مجددًا.




