
اتهمت حركة طالبان الولايات المتحدة بانتهاك سيادة أفغانستان الجوية باستخدام المجال الجوي الباكستاني، في وقتٍ تشهد فيه الحدود بين البلدين توتراً متزايداً، بالتزامن مع إعادة فتح جزئي لمعبر تورخم لترحيل اللاجئين الأفغان.
أكد ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان، في مقابلة مع قناة طلوع نيوز، أن طائرات مسيّرة أمريكية تعمل حالياً في أجواء أفغانستان عبر المجال الجوي الباكستاني، مشيراً إلى أن ذلك يمثل «انتهاكاً صارخاً للسيادة الوطنية».
وقال مجاهد:
“الطائرات الأميركية المسيرة تعمل الآن في أجواء أفغانستان، فهي تمرّ عبر المجال الجوي الباكستاني وتنتهك سيادتنا. هذا لا ينبغي أن يحدث.”
وأشار إلى وجود فصيل عسكري داخل باكستان — بدعم من قوى عالمية — يسعى لتصعيد التوترات بين كابل وإسلام آباد.
وتزامنت تصريحاته مع تداول مقاطع فيديو محلية تظهر تحليق طائرات مسيّرة فوق العاصمة كابل لأيام متتالية، بحسب شهود عيان.
من ناحية أخرى، تقول باكستان إن طالبان تأوي عناصر حركة طالبان الباكستانية (TTP) التي تشن هجمات ضدها، بينما تنفي كابل ذلك.
في خطوةٍ لافتة، أعلنت باكستان إعادة فتح معبر تورخم الحدودي بعد 20 يوماً من إغلاقه الكامل، لكن فقط لغرض ترحيل الأفغان غير الحاملين للوثائق الرسمية، بينما ظلت حركة التجارة متوقفة.
وقال نائب مفوض الشرطة في خيبر، بلال شهيد:
“المعبر مفتوح حصرياً لطرد المواطنين الأفغان غير الشرعيين، في حين يبقى مغلقاً أمام جميع الأنشطة الأخرى حتى إشعار آخر.”
ويُعتقد أن هذا الإجراء جاء بعد مفاوضات وساطة بين كابل وإسلام آباد بوساطة تركيا وقطر، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار على حدود خط دوراند الممتدة بطول 2,611 كيلومتراً.
التوتر بين طالبان وباكستان ليس جديداً، بل هو جزء من صراع تاريخي حول الأمن واللاجئين والسيطرة الحدودية.
تتهم إسلام آباد طالبان بالسماح لجماعة (TTP) بشن عمليات داخل أراضيها، بينما ترد كابل بأن باكستان تدعم جماعات مسلحة لإثارة الاضطرابات في أفغانستان.
ظهور اتهامات طالبان الأخيرة حول الطائرات الأمريكية أضاف بعداً دولياً للنزاع، إذ تشير الحركة إلى أن واشنطن ما زالت تمارس عمليات استطلاع أو مراقبة جوية داخل أفغانستان عبر الأجواء الباكستانية، وهو ما تعتبره “تعدياً” على السيادة الوطنية.
كما أن فتح معبر تورخم جزئياً يعكس ضغوطاً داخلية في باكستان، سواء اقتصادية أو أمنية، بينما تستخدم طالبان هذا الملف كورقة سياسية لإبراز صمودها أمام الضغوط الإقليمية.
إذا تواصلت التحليقات الجوية والاتهامات المتبادلة، فقد تشهد الحدود بين أفغانستان وباكستان تصعيداً ميدانياً قد يُفضي إلى مواجهة مباشرة أو حرب محدودة.
من المرجح أن تتدخل تركيا وقطر مجدداً لتثبيت وقف إطلاق النار واحتواء الأزمة، خاصةً في ظل القلق الدولي من زعزعة استقرار المنطقة.
قد تتطور الأزمة إلى مواجهات متقطعة أو تبادل ناري محدود، مع استمرار الخلاف حول اللاجئين والطائرات الأمريكية دون انزلاق شامل للحرب.
تبدو أفغانستان وباكستان اليوم على مفترق طرق خطير.
ففي الوقت الذي تتحدث فيه طالبان عن انتهاك السيادة الجوية، تعيد باكستان ترحيل الأفغان وتغلق الحدود أمام التجارة.
إن استمرار هذا النمط من التوتر قد يهدد الاستقرار الإقليمي بأكمله، خاصة مع دخول أطراف دولية كواشنطن ونيودلهي في حسابات النفوذ.
إن السيادة الأفغانية والمصالح الباكستانية والتحركات الأمريكية، كلها خيوط متشابكة في معادلة واحدة:
إما أن تُحلّ دبلوماسياً… أو تتحوّل إلى شرارة نزاع إقليمي جديد.




