مقالات الرأي

القيادة المصرية تضع رؤية واضحة لاحتواء الموقف في قطاع غزة

بقلم / عبد الرحيم أحمد

حقا إن المحن تكشف الغث من الثمين، لذا فإن التاريخ سيكتب بأحرف من ذهب عن الدور المصري بالغ الأهمية من أجل احتواء الموقف في قطاع غزة ووقف التصعيد الإسرائيلي الذي بدأ منذ شهر ويزيد.

ووفقا لحسابات الواقع ومعطياته فإن الدور المصري تركز على حزمة من الأسس التي تنم عن رؤية ثاقبة وحكمة وتقدير منقطع النظير من جانب القيادة السياسية والدبلوماسية المصرية ذات الخبرة الطويلة بالتعامل مع السيناريوهات التي يخطط لها المتربصون بأمن مصر والمنطقة.

منذ الوهلة الأولى للأزمة أكدت مصر وما زالت التزامها بمبدأ حل الدولتين وأهمية التعايش السلمي جنبا إلى جنب مع رفضها الكامل لاستهداف المدنيين والبنية التحتية للقطاع ومطالبتها المستمرة في كافة الفعاليات والمنتديات الإقليمية والدولية بالسماح بإيصال ونفاذ المساعدات الإنسانية والغذائية والاغاثية لأهالي قطاع غزة.

وفي خضم الأحداث المريرة التي عاشها القطاع تحولت القاهرة إلى قبلة لبحث الأزمة والسعي الحثيث من أجل وقف التصعيد سواء مقابلات او اتصالات هاتفيه أو مشاركة مصرية في محافل خاصة ببحث القضية، وهنا يستوقفنا الاتصال الهاتفي الذي تلقاه الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس من المستشار الألماني اولاف شولتز والذي ربما يحمل عددا تجاوز العشرين في سلسلة الاتصالات التي أجراها وتلقاها الرئيس لبحث الأزمة وتداعياتها، مؤكدا على ثوابت الموقف المصري ممثلة في حل الدولتين، السعي لإقرار هدنة والسماح بإيصال ونفاذ المساعدات وحماية المدنيين.

يحضرنا أيضا في هذا المقام ونحن نتحدث عن الدور المصري الإشارة والاشادة بموقف تاريخي سجلته القيادة السياسية متمثلا في صدور توجيهات للحملة الرئاسية بتوجيه كل التبرعات الخاصة بالدعاية الانتخابية للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي إلى دعم أهالي غزة وتوفير متطلباتهم .

اليوم أيضاً تستضيف القاهرة لقاء مهما بين الرئيس السيسي وامير قطر في إطار التنسيق من أجل التوصل لهدنة إنسانية داخل غزة وذلك قبيل ساعات من انطلاق القمة العربية الطارئة غدا في الرياض لبحث الأزمة وتداعياته، وتفعيل قرار الاجتماع التحضيري للقمة الذي عقد بالأمس وجاء متناغما مع ثوابت الموقف المصري.

لقد تجلت حنكة القيادة والدبلوماسية المصرية خلال الأزمة الأخيرة والظرف الدقيق الذي تمر به القضية الفلسطينية هذه حقيقة تؤكدها الأحداث، فقد أعلنتها مصر صريحة لا لسياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها إسرائيل، لا للتهجير القسري للفلسطينيين لأنه بمثابة تصفية للقضية من أساسها، لا لإدارة قطاع غزة بعيدا عن أبناء فلسطين، أضف إلى ذلك كانت مصر سباقة في ارسال المساعدات واستقبال جرحى أبناء فلسطين في مستشفياتها وما زالت تمد يد العون للأشقاء دون حساب.

ومثلما عكست الأزمة الأخيرة حجم مصر وثقلها السياسي ووزنها في المنطقة، نقولها وبكل أسف فقد كشفت في الوقت نفسه زيف وادعاءات التحضر الغربي والحرص على تطبيق نصوص القانون الدولي وحقوق الإنسان، فقد تهاوت كل هذه الشعارات الزائفة وانبرت تلك القوى التي تنعت نفسها بالعظمى أو الكبرى انبرت تدافع عن الاحتلال الغاشم واختل ميزان تقييمها للأمور فأنكرت على الضحية صراخها واعطت الضوء الأخضر لإسرائيل حتى تحول القطاع إلى أطلال.

زر الذهاب إلى الأعلى