أمن وحوادث

“أمهات تزرعن الخوف بدل الحنان.. عنف الأمهات يدفع أطفالاً إلى الانتحار ويدمر جيلاً بأكمله”

 

كتبت :إيمان خالد خفاجي

تتحول بعض البيوت التي كان يفترض أن تكون ملاذًا للأمان إلى ساحات للعقاب والوجع، حينما تمارس بعض الأمهات العنف ضد أطفالهن تحت مبررات “التربية” أو “الخوف عليهم”. لكن هذا العنف الذي يبدأ بصفعة أو كلمة جارحة، قد ينتهي بفاجعة… انتحار طفل لا يتحمل الألم النفسي والبدني، ولا يجد من يسمع صراخه الصامت.

يروي الألم:

تكشف تقارير نفسية واجتماعية أن العنف الصادر عن الأمهات تجاه الأطفال أصبح ظاهرة مقلقة في عدد من المجتمعات، حيث يستخدم بعض الأمهات أساليب عنيفة في العقاب مثل الضرب، الصراخ، والإهانة اللفظية، ظنًّا منهن أن ذلك وسيلة للتقويم.

لكن الواقع يقول إن تلك التصرفات تُحدث شرخًا عميقًا في نفس الطفل، وتزرع داخله الخوف، والعزلة، والإحساس بالرفض، ما يجعله يفقد ثقته في أقرب الناس إليه.

يُحذر الخبراء:

أطباء الطب النفسي وخبراء الأسرة يؤكدون أن العنف الأسري من الأمهات ضد الأطفال قد يكون أشد ضررًا من العنف من أي طرف آخر، لأن الطفل يتلقى الأذى من الشخص الذي يفترض أن يمنحه الحب والاحتواء.

ويشيرون إلى أن بعض الأطفال الذين يتعرضون للعنف المستمر تظهر عليهم أعراض نفسية خطيرة، مثل الاكتئاب، واضطرابات النوم، والرغبة في الانعزال عن المجتمع، بل وقد تتطور الأمور إلى التفكير في الانتحار.

يكشف الواقع:

في السنوات الأخيرة، شهدت وسائل الإعلام حوادث مأساوية لأطفال أنهوا حياتهم بسبب العنف الأسري.

طفل لم يتجاوز العاشرة قرر القفز من شرفة منزله بعد سلسلة من الضرب والإهانات اليومية، وطفلة أخرى تركت رسالة مؤلمة تقول فيها: “مش قادرة أعيش وسط الخوف”، لتصبح قصصهم جرس إنذار للمجتمع كله.

يطالب المختصون:

ينادي الخبراء بضرورة وضع قوانين أكثر صرامة لحماية الأطفال من العنف الأسري، وتكثيف برامج التوعية للأمهات حول أساليب التربية الإيجابية.

كما يشددون على أهمية إدخال التربية النفسية في المناهج التعليمية، وتفعيل دور مراكز الدعم الأسري لتقديم المساندة النفسية والعلاج للأطفال المتضررين.

يختتم الأمل:

رغم قسوة الظاهرة، إلا أن الحل يبدأ بخطوة بسيطة: الاحتواء بدلاً من العقاب. فالكلمة الطيبة والاحتضان قادران على إصلاح ما قد يهدمه العنف في لحظة غضب.

الأم هي الأمان الأول، فإن تحوّل هذا الأمان إلى مصدر خوف، ضاع الطفل وضاعت معه طفولته… وربما حياته.أرقام عالمية لعنف الأطفال الأسري

أكدت منظمة الصحة العالمية أن 6 من كل 10 أطفال تقل أعمارهم عن خمس سنوات — أي ما يُقارب 400 مليون طفل — يتعرضون بانتظام للعقاب الجسدي و/أو للعنف النفسي من الوالدين أو من القائمين على رعايتهم.

أيضاً، تُفيد تقارير بأن ما يقرب من 1 مليار طفل بين عمر 2 إلى 17 عامًا مرّوا بتجربة من أنواع العنف (جسدي، نفسي، جنسي، أو إهمال) خلال عامٍ واحد.

إحصائيات متعلقة بمحاولات الانتحار أو الآثار النفسية المرتبطة بالعنف الأسري

في دراسة مصرية تناولت حالات التسمم الحاد لدى الأطفال، تبين أن حوالي 26.5٪ من الأطفال الذين أدخلوا المستشفى قد حاولوا الانتحار، كما أن هناك نسبة كبيرة منهم شهدت حالات من الإهمال الأسري أو العنف ضمن العوامل المرتبطة.

كذلك، الدراسة نفسها أشارت إلى أن الأطفال الذين يعيشون في أسر تمارس العنف المنزلي هم 6 مرات أكثر احتمالًا أن يفكروا في الانتحار مقارنة بأقرانهم الذين لا يعيشون في بيئات عنيفة ومن ثمّ هم أكثر عرضة للتأثر النفسي الشديد.

بيانات مصرية خاصة بالعنف الأسري والوفاة

في محافظة القاهرة، دراسة بعنوان “العنف المنزلي كسبب للوفاة خلال العقد الأول من العمر” سجلت 26 حالة وفاة للأطفال خلال أول عقد من العمر بسبب العنف المنزلي.

من هؤلاء الأطفال تم تحديد أن المعتدي هو الأب في حوالي 87.5٪ من الحالات، بينما في حوالي 7.7٪ كانت الأم هي المعتدية المباشرة.

وأُشير أيضاً إلى أن الإصابات المميتة غالبًا ما تكون بسبب إصابات تُصيب الدماغ بنسبة حوالي 77٪ من حالات الوفاة في تلك الدراسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى