مصر

 اعتداء على البراءة: غضب أهالٍ وتدخل عاجل للوزارة في واقعة تحرش بطلاب مدرسة العبور

 

أيمن عامر

في مشهد يهزّ الضمير الإنساني قبل أن يجرح القلوب، تفجّرت مأساة جديدة داخل إحدى المدارس بمدينة العبور، حين امتدت أيادٍ آثمة إلى براءة أطفال لا يعرفون من الدنيا سوى اللعب والابتسامة.

وقد جاءت تفاصيل الواقعة صادمة، كاشفة عن جريمة بشعة لا يمكن تبريرها ولا الصمت عليها، جريمة تستدعي أقصى درجات الحزم والمحاسبة، دفاعًا عن حق أطفالنا في أمانٍ لا يُساوم، وتعليمٍ لا تتسلل إليه الظلال السوداء للانحراف والاعتداء.

إن ما حدث ليس حادثة عابرة، بل جرس إنذار يضع المجتمع كلّه أمام مسؤولياته: حماية الصغار، وتشديد الرقابة، وإعادة بناء منظومة الثقة داخل المؤسسات التعليمية.

شهدت مدينة العبور حالة من الغضب والاستياء عقب الكشف عن تعرض عدد من طلاب مرحلة رياض الأطفال بمدرسة خاصة بالمدينة لوقائع تحرش واعتداء من قِبل بعض العاملين داخل المدرسة، وذلك وفق شكاوى رسمية تقدم بها أولياء الأمور إلى إدارة المدرسة والجهات المختصة.

وبحسب مصادر تعليمية وأمنية، بدأت الأزمة عندما لاحظ أولياء الأمور تغيّرات سلوكية على أطفالهم، ما دفعهم إلى الاستفسار منهم ليُفصح بعضهم عن تعرّضهم لسلوكيات غير لائقة داخل مرافق المدرسة. وعلى إثر ذلك، تقدّم الأهالي بشكاوى جماعية، ليتم إبلاغ الجهات الأمنية التي حضرت إلى المدرسة وبدأت التحقيق الفوري.

وأفادت التحقيقات الأولية بأنه تم التحفظ على عدد من العاملين الذين وردت أسماؤهم في شكاوى أولياء الأمور، كما جرى استدعاء مسؤولين في المدرسة لسؤالهم حول آليات الرقابة الداخلية وسلامة الإجراءات المتّبعة لحماية الطلاب. وتم عرض عدد من الأطفال على متخصصين ووحدات حماية الطفل لإجراء تقييم طبي ونفسي وفق البروتوكولات القانونية.

وقال عدد من أولياء الأمور، إن أبناءهم يعيشون حالة نفسية شديدة الصعوبة بعد ما تعرضوا له، مؤكدين أنهم يرفضون إرسالهم إلى المدرسة حتى يتم اتخاذ إجراءات حاسمة ضد الإدارة: “الولاد في حالة صعبة جدًا… وصعب يروحوا المدرسة، وإحنا كمان صعب نبعتهم والإدارة لازم تتحاسب”، وشددوا على أنهم مستعدون لتحمّل أي نتائج، حتى لو ترتب على ذلك عدم دخول أبنائهم الامتحانات، إلى حين تحقيق العدالة 

وزارة التربية والتعليم

وقررت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني إخضاع مدرسة سيدز الدولية للإشراف المالي والإداري الكامل من جانب الوزارة، وتكليف لجنة مختصة بإدارتها، وذلك عقب واقعة الاعتداء التي تعرّض لها عدد من الأطفال داخل المدرسة.

 

وتابع الدكتور محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، تفاصيل الحادث المؤسف منذ لحظته الأولى، مؤكداً حرصه الشديد على الوقوف على كل ملابسات الانتهاكات غير الإنسانية التي شهدتها المدرسة بحق عدد من الطلاب.

 

وبتوجيه مباشر من الوزير، انتقلت لجنة موسّعة إلى المدرسة لإجراء تحقيق شامل حول الواقعة. وبعد انتهاء اللجنة من أعمالها – والتي تجري بالتوازي مع تحقيقات النيابة العامة – أصدر الوزير مجموعة من القرارات الحاسمة:

 

قرارات وزارة التربية والتعليم بشأن مدرسة سيدز الدولية

 

وضع المدرسة تحت الإشراف المالي والإداري الكامل للوزارة، وتولي لجنة مختصة إدارتها بدلاً من المالك أو الممثل القانوني.

 

إحالة جميع المسؤولين المتورطين في التستر أو الإهمال الجسيم فى حماية الطلاب إلى الشؤون القانونية لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

 

“لا يوجد جرم أشد من إيذاء طفل”

 

وقال الوزير محمد عبد اللطيف: “لا يوجد جرم أشد قسوة من أن تمتد يد إلى طفل. أطفالنا أمانة في أعناقنا، وحمايتهم واجب لا يقبل التهاون. وأي مدرسة لا تلتزم بمعايير الأمان والسلامة لا تستحق البقاء داخل المنظومة التعليمية المصرية، وستواجه إجراءات رادعة”.

 

وشدّد الوزير على أن أي اعتداء على طفل يُعد جريمة لا تُغتفر، وأن حماية الطلاب تأتي قبل أي شأن تعليمي آخر، مؤكداً أن صون كرامتهم وسلامتهم هو صون للوطن كله.

 

تفاصيل بلاغ أولياء الأمور

 

كان أولياء أمور عدد من الأطفال قد تقدموا ببلاغ رسمي إلى قسم شرطة العبور، اتهموا خلاله ثلاثة عمال وفرد أمن بالمدرسة باستدراج الأطفال إلى أماكن بعيدة عن نطاق الكاميرات. وسرعان ما تحركت الأجهزة الأمنية، وتم ضبط المشتبه بهم، وتشير التحريات الأولية إلى تعرض بعض الأطفال للترهيب لمنعهم من الإبلاغ.

 

النيابة العامة تباشر التحقيق

 

باشرت النيابة العامة التحقيقات، وقررت:

 

عرض الأطفال على الطب الشرعي

 

استدعاء أولياء الأمور لسماع أقوالهم

 

فحص كاميرات المراقبة بالمدرسة

 

استدعاء مسؤولي المدرسة للتحقيق

 

وكشفت المصادر أن أحد المتهمين كان يستدرج الأطفال إلى منطقة خلف الملعب غير مغطاة بالكاميرات.

 

من جانبها، أعلنت إدارة المدرسة تعاونها الكامل مع السلطات، مؤكدة في بيان لها أنها قامت بإيقاف الأطراف المشتبه بهم عن العمل لحين الانتهاء من التحقيقات، واتخذت إجراءات عاجلة لرفع مستوى الرقابة داخل المدرسة ومنع تواجد أي عاملين غير مختصين داخل أماكن الأطفال الحساسة.

وتتابع وزارة التربية والتعليم القضية عن كثب، حيث تم تشكيل لجنة فنية وإدارية لمراجعة أوضاع المدرسة والتحقيق في أي تقصير محتمل، إلى جانب متابعة الحالة النفسية للأطفال ومعاملتهم كضحايا في إطار قانون الطفل.

وتواصل النيابة العامة تحقيقاتها للحصول على الأدلة واستكمال سماع الأطفال و أقوال أولياء الأمور والشهود، تمهيدًا لاتخاذ القرارات القضائية اللازمة بحق المتورطين، مع التأكيد على الحفاظ على خصوصية الضحايا وسرية بياناتهم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى