البرازيل تخشى تصعيداً أميركياً بعد إدانة بولسونارو بالسجن

كتب : محمود الشاذلي
أصدرت المحكمة العليا في البرازيل، حكماً نهائياً يقضي بسجن الرئيس السابق جايير بولسونارو لمدة 27 عاماً، بعد إدانته بالمشاركة في التخطيط لمحاولة انقلاب استهدفت إسقاط الرئيس المنتخب لولا دا سيلفا. ويعد القرار سابقة تاريخية، إذ لم يسبق أن أدين رئيس برازيلي سابق في قضايا انقلابية بهذا الحجم.
جاء الحكم بموافقة أربعة قضاة من أصل خمسة، بينما عارضه قاضٍ واحد، في وقت تشهد فيه البرازيل ضغوطاً أمريكية متصاعدة، إذ كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد مارس ضغوطاً قوية على حكومة لولا للعفو عن بولسونارو أو وقف محاكمته، باعتباره “ركناً أساسياً” في مشروعه الإقليمي لمواجهة اليسار في أميركا اللاتينية.
أدانت المحكمة بولسونارو بخمس تهم أساسية، أبرزها:
-
محاولة الانقلاب على السلطة الشرعية.
-
استخدام العنف لقلب النظام الديمقراطي.
-
الانتماء إلى منظمة إجرامية.
القاضية كارمن روشا، العضو الوحيد في المحكمة العليا، اعتبرت أن “الأدلة واضحة” حول وضع بولسونارو وقادة عسكريين لمخطط تدريجي لقلب النظام الديمقراطي ومنع التناوب السلمي على السلطة. وأكدت أن أيّاً من المتهمين لم ينكر الأفعال المنسوبة إليه.
القاضي ألكسندر مورايش، الذي قاد التحقيق وكان هدفاً لمحاولة اغتيال من جانب الانقلابيين، قال إن الأدلة أثبتت أن بولسونارو “خطط لاغتيال عدد من كبار المسؤولين والسعي وراء تأييد القيادات العسكرية للمحاولة الانقلابية”.
في المقابل، فاجأ القاضي لويس فوكس الأوساط القضائية بتصويته لصالح تبرئة بولسونارو، معتبراً أن المحكمة العليا ليست الجهة المختصة بمحاكمته.
أثار الحكم غضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وصفه بـ”المهزلة”، وأعلن فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 50% على منتجات البرازيل، مع تجميد أصول القاضي مورايش ومنع أعضاء المحكمة العليا من دخول الولايات المتحدة. كما هدد بمزيد من الضغوط إذا لم يتراجع القضاء أو تمنح حكومة لولا العفو لبولسونارو.
وترى أوساط سياسية برازيلية أن هذه الخطوات الأميركية قد تدفع نحو تصعيد خطير في العلاقات الثنائية، ما يضع حكومة لولا في اختبار صعب بين استقلال القضاء والحفاظ على العلاقات مع واشنطن.
الإدانة الجديدة تضاف إلى سلسلة من القضايا السابقة التي نزع فيها القضاء الأهلية السياسية عن بولسونارو حتى عام 2030، وأخضعه للإقامة الجبرية مع منعه من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو السفر.
ورغم ذلك، ما يزال بولسونارو يشكل رمزاً لليمين المتطرف، ويحافظ على قاعدة جماهيرية واسعة داخل البرلمان. ويخشى مراقبون أن يؤدي الضغط الأميركي المتزايد إلى تعزيز التضامن الشعبي معه، بما يفتح الباب أمام حملة منظمة للمطالبة بالعفو عنه أو إعادة النظر في الأحكام.
تراقب دول أميركا اللاتينية عن كثب تداعيات هذه الإدانة، خصوصاً أنها تأتي في وقت تواجه فيه الديمقراطيات في المنطقة موجة من التحديات والانقسامات السياسية، وسط محاولات متكررة لتقويض الأنظمة الدستورية.
ويرى خبراء أن ما يحدث في البرازيل يتجاوز حدودها، إذ يمثل اختباراً لمدى قدرة المؤسسات الديمقراطية في أميركا اللاتينية على الصمود أمام الضغوط الداخلية والخارجية، خصوصاً مع سعي واشنطن للحفاظ على نفوذها في المنطقة مقابل تنامي حضور قوى دولية أخرى مثل الصين وروسيا.