الدكتور العشماوي عبدالكريم الهواري يقص : صوفه غيرت العالم

قصة قصيرة للكاتب دكتور العشماوي عبدالكريم الهواري
لم تكن بنات صاحبة الاسم الغريب والملامح الغجرية التي بدأت جذورها من الشرق الادنى لتتسلل وتصل الي أطراف القاهرة مثل منخفض جوي يأتي من تلك الأماكن ليضرب وادي النيل بموجات حارة موجعة؛ الا حالة من تقلبات البشر في قدر الحياة اعلي موقد يزداد توقدا ، نعم بنات صاحبة التاسعة عشر والمتزوجة من قبل من زوجين سابقين حسب عادات الغجر، كانت تشرق كما تشرق الشمس وتغيب مثلها غير انها تختلف عنها، فبنات مثل عشيرتها تشرق وتغيب دون معرفة وجهتها.
كان شروقها في صباح شتوي ملبد بغيومه ورؤيته المنخفضة حيث كانت يدها التي عرفت الجهاز المثبت علي باب شقة المهندس حزين بالزمالك وصاحب شركة أجهزة الاتصال بالقاهرة، مارست عملها الاسبوعي في نظافة الشقة في اجازة سهر وزوجها وهم في نوم عميق بعد ليل جميل جمعهم حتي ان سهر فتحت الباب لبنات وهي لاتزال في أحلام نومها.
اختلف يوم بنات عن باقي أيامها في هذا المنزل الذي دائما ما كان يحنو عليها بمال وماكل وملبس فقد دبرت بعقلها الذي يفكر كطبيعتها التي تعيشها ما بين بدائية الحياة ليلا وقمتها نهارا، فتلامست تلك القطعة المطاطية التي كانت تراقبها عبر اسابيع مضت فوجدتها ما زالت دافئه خلافا لما كانت تجده من قبل ، وقد أتت مبكرا لتلك اللحظة فكانها عثرت علي كنزها في سلة المهملات بجوار غرفة نوم حزين وسهر، ولامست اصابعها الخمرية سائل الحياة الدافيء اللزج داخل العازل الطبي ووضعته داخل صدريتها ليحتفظ بدفء جسدها .
واعتذرت وغادرت سريعا لتغرب في غير موعدها الي خيمتها التي جهزت بها قطعة صوفية من نعجه عجوز ووضعتها أسفل وسادتها الصوفية المغزولة قديما في الشرق الادني والتي توارثتها لتصبح فراش زوجية لم يحدث، لم ترتجف يداها وهي تضع سائل الحياه علي الصوفة ذات الحراشيف الملتوية وبعد ان بللتها جيدا واغرقتها حتي ماتت الصوفة لتحيا ثانية في قدس اقداس بنات، نامت فرحا بانجازها ولم تمر سوي سنوات حتي كان حكم المحكمة لإثبات بنوة ديان اليهودي بعد إيجابية تحاليل البيولوجيا الوراثية وذيلت المحكمة حكمها بالتعويض المناسب، وكانت صدمة لحزين بعد ان فشل في اثبات نفيه وبعد طلب سهر للطلاق