الرئيسيةمقالات الرأي

الدكتور عادل عامر يكتب : البعد الاجتماعي في التنمية المستدامة

 

بقلم : الدكتور عادل عامر

البعد الاجتماعي في التنمية المستدامة هو تركيز على تحسين رفاهية الإنسان والعدالة والمساواة من خلال توفير فرص متكافئة، وتلبية الاحتياجات الأساسية، وحماية حقوق الإنسان. يشمل هذا البعد مجالات مثل التعليم، والرعاية الصحية، وتوفير فرص العمل اللائقة، والمساواة بين الجنسين، والحد من الفقر والبطالة، ودعم التماسك الاجتماعي.

يشمل البعد البيئي الحفاظ على صحة البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي واستدامة الموارد الطبيعية حيث يهدف إلى تحقيق توازن بين نشاطات الإنسان والأنظمة البيئية المحيطة بها.

يشمل هذا البعد الاهتمام بموضوعات مثل تغير المناخ، وحماية الغابات والمحيطات، وإدارة المياه، والطاقة المستدامة. مما يؤدي في النهاية إلي تحقيق تنمية تحافظ على البيئة وتمنع تدهورها لضمان استدامة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.

البعد الاقتصادي

يركز البعد الاقتصادي على تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وخلق فرص العمل والرخاء الاقتصادي حيث يهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والعادل والمستدام.

يتضمن هذا البعد تحسين البنية التحتية، وتعزيز الصناعات المستدامة والمبتكرة، وتشجيع الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة، وتحسين الإدارة المالية والمؤسسية. مما يؤدي إلي خلق فرص عمل مستدامة وتحقيق التقدم الاقتصادي للأفراد والمجتمعات.

البعد الاجتماعي

يعمل البعد الاجتماعي على تحقيق التنمية الاجتماعية المستدامة وتعزيز المساواة والعدالة الاجتماعية. حيث يهدف إلى توفير فرص متساوية للجميع وتعزيز حقوق الإنسان والتنمية البشرية.

يشمل هذا البعد الاهتمام بموضوعات مثل التعليم، والصحة، والتمكين الاقتصادي، والمساواة بين الجنسين، والعدالة الاجتماعية.

 ويساهم العمل على تحقيق التوازن بين الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية في تحقيق التنمية الشاملة والاستدامة على المدى الطويل. تعتبر هذه الأبعاد مترابطة وتتأثر بعضها ببعض، ولذلك يجب معالجتها بشكل متكامل لضمان التنمية المستدامة.

البعد التكنولوجي

يلعب هذا البعد التكنولوجي دورا هاما في تعزيز مفهوم التنمية المستدامة من الناحية التقنية. فقد ساهم في تحقيق تطورات مهمة في أداء المؤسسات الخاصة وتعزيز أنشطة البحث. كما ساهم في تحديث نماذج المؤسسات الجديدة بما في ذلك حاضنات التكنولوجيا والمدن.

أدت هذه التكنولوجيا أيضا إلى تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل، مما أدى إلى تقليل الفقر والبطالة.

كيف تتكامل أبعاد التنمية المستدامة مع بعضها البعض؟

التكامل بين الأبعاد الاقتصادية والبيئية: يمكن تحقيق ذلك من خلال تبني أنماط اقتصادية مستدامة تهتم بحماية البيئة وتعزيز استدامة الموارد الطبيعية. على سبيل المثال، يمكن تعزيز استخدام الطاقة المتجددة وتطوير صناعات خضراء تحد من الانبعاثات الضارة.

التكامل بين الأبعاد الاجتماعية والبيئية: يمكن تحقيق ذلك من خلال توفير فرص العمل اللائقة والمستدامة في قطاعات تعزز الحفاظ على البيئة. على سبيل المثال، قد يتم توظيف سكان المناطق الريفية في مشاريع صوب الاستدامة البيئية مثل زراعة الأغذية العضوية والسياحة البيئية.

التكامل بين الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية: يمكن تحقيق ذلك من خلال توفير فرص العمل والتنمية الاقتصادية في المجتمعات المهمشة أو المناطق الفقيرة. على سبيل المثال، يمكن تطوير مشاريع ريادية صغيرة ومتوسطة في هذه المناطق لتوفير فرص العمل وتعزيز التنمية المحلية.

التكامل بين الأبعاد الاجتماعية والثقافية: يتحقق هذا التكامل من خلال الحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز التنوع الثقافي في سياق التنمية المستدامة. يمكن تعزيز المشاركة المجتمعية وتعزيز الحوار بين الثقافات المختلفة لتحقيق تنمية مستدامة.

في النهاية، نجد أنه من الضروري أن تتكامل أبعاد التنمية المستدامة مع بعضها البعض وذلك من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، على سبيل المثال.

يمكن أن يؤدي النمو الاقتصادي المستدام إلى تحسين حالة الفقر وتعزيز الفرص الاقتصادية. بينما يمكن أن يساهم الحفاظ على البيئة في ضمان استدامة الموارد الطبيعية والصحة العامة للمجتمع بالاستثمار في التنمية المستدامة، يمكننا بناء مجتمعات أكثر استدامة وازدهارا للأجيال الحالية والمستقبلية. لقد شكّل الإنسان محور التعريفات المقدمة بشأن التنمية المستدامة، حيث تتضمن تنمية بشرية قائمة على تحسين مستوى الرعاية الصحية والتعليم والرفاه الاجتماعي.

 وقد أشار تقرير اللجنة العالمية للتنمية والبيئة “برونتلاند” إلى أن “التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر من دون النيل من قدرة الأجيال القادمة على تلبية إحتياجاتها”. كما أن عبارة تنمية مستدامة تعني نمطًا من التنمية لا تفرّط في استثمار مصادر الثروات الطبيعية، التي ترتكز عليها هذه التنمية، أو تخرّبها، أي تنمية تعمل على تجديد الموارد والثروات وإعادة التصنيع بشكل يضمن بيئة نظيفة وصالحة لحياة الأجيال الحاضرة والقادمة. ووفق تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية “ينبغي أن يكون الرجال والنساء والأطفال محور الإهتمام، فيتم نسج التنمية حول الناس وليس الناس حول التنمية وذلك للأجيال الحاضرة والقادمة”. وتقترح التنمية المستدامة لمواجهة التهديدات التي تواجه المحيط البيئي، عالمًا تزول فيه من مجتمعاتنا ظواهر الفقر، واللامساواة، والأنانيات، ونهب الطبيعة، وانحرافات التقدّم العلمي، كي تتمكن الأجيال الحاضرة والقادمة من الإستفادة من موارد الطبيعة.

وهذا يعني إلقاء المسؤولية على أنماط النمو السائد. تعد التنمية المستدامة، الضابط الرئيس للسياسات الاقتصادية التي وصلت إليها العولمة النيوليبراليّة، في تعاملها مع البيئة والثروات الطبيعيّة على نحو بدأ يهدد شعور الإنسان بالأمان والاستقرار، بعدما كان يعتقد أن الأرض هي مصدر للثروات لا ينضب، وطاقة للتجديد الطبيعي غير المحدود. وقد أكدت تقارير الخبراء في اللجنة الدوليّة لتغير المناخ، بما لا يسمح بالشكّ، أن أنشطة الإنسان هي المسؤولة عما وصلت إليه الأخطار على مستقبل البشرية برمّتها. هذا من جهة ومن أخرى، تمثل التنمية المستدامة، فرصة جديدة لنوعيّة النمو الاقتصادي وكيفيّة توزيع منافعه على طبقات المجتمع كافة، وليس مجرّد عمليّة توسع اقتصادي، لا تمنع من ازدياد الفوارق بين مداخيل الأفراد والجماعات، إن بين دول الشمال والجنوب أو داخل الدول النامية نفسها. التنمية المستدامة تفرض نفسها كمفهوم عملي للمشاكل المتعدّدة التي تتحدّى البشرية. إنها تسمح بتقييم المخاطر ونشر الوعي وتوجيه العمل السياسي على المستويات المحلّية والإقليميّة والدولية”

. ونظرًا إلى الترابط القوي بين الأمن الإنساني والتنمية، ومن أجل جعل الحق بالتنمية البشرية حقيقة واقعة لكل البشر بصورة مستدامة آنيًا ومستقبليًا، تمنى رجل الاقتصاد الهندي أمارتيا صن على المؤسسات الدوليّة والمجلس الاقتصادي الاجتماعي اعتماد مؤشر جديد للتنمية، يأخذ في طياته حقوق الإنسان الاجتماعية والصحيّة والبيئيّة إضافةً إلى البعد الاقتصادي.

 وذلك من خلال القضاء على الفقر، تعزيز الديمقراطيّة، مكافحة المجاعات والأزمات والصراعات، التأكيد على فعالية المرأة، التغيير الاجتماعي، تشجيع الثقافة والدفاع عن حقوق الإنسان. وأيضًا من خلال تحسين سبل الحصول على الخدمات الاجتماعية والأغذية والرعاية الصحيّة الإنسانية والتعليم، وتعزيز المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة، وتسيير الحكم الرشيد، وتوسيع قدرة الحصول على تكنولوجيا المعلومات والاتصال، والعقاقير لمكافـحة مرض الإيدز

كما يتضمن اعتماد التنمية المستدامة، عنصرًا جوهريًا في مخططات الدول والشركات، وخصوصًا في ما يتعلق بالقوانين الداخلية التي تنظم مشاريع الاستثمارات، بغية حماية البيئة ومنع التصحر، واتخاذ إجراءات لتأمين سبل الحصول على مياه الشرب المأمونة،

 وتحسين الصرف الصحي للمجتمعات القادمة. ومن أجل معالجة الفقر في العالم سوف يتطلب ذلك منح أكثر البلدان فقرًا، إعفاءً دائمًا من الديون وتحقيق تجارة عادلة من خلال وصول البلدان النامية إلى الأسواق

أيضًا في هذا المضمار، صدر عن مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة الذي انعقد في جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا بين 26 آب/ أغسطس ـ 4 ايلول/ سبتمبر 2002، وضّم، إضافة إلى رؤساء الدول والحكومات، عددًا كبيرًا من المنظّمات الإقليمية والوكالات الدوليّة المتخصصة والمنظّمات غير الحكومية “إعلان جوهانسبرغ بشأن التنمية المستدامة”. شدّد هذا الإعلان على إقامة مجتمع عالمي إنساني متضامن لمواجهة مجمل التحدّيات العالمية، مثل القضاء على الفقر، تغيير أنماط الانتاج والاستهلاك غير المستدامة، وحماية قاعدة الموارد الطبيعية وإدارتها من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ردم الهوة العميقة التي تقسم البشرية إلى أغنياء وفقراء، ومنع تدهور البيئة العالمية، وتراجع التنوع البيولوجي والتصحر، سد الفجوة المتزايدة بين العالمين المتقدم والنامي، ومعالجة تلوث المياه والهواء والبحار، 

الدكتور عادل عامر

دكتور القانون العام والاقتصاد الدولي

ومدير مركز المصريين للدراسات بمصر ومحكم دولي معتمد بمركز جنيف للتحكيم الدولي التجاري

وعضو ومحاضر بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

01118984318

01555926548

01024975371

01277691834

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى