الصين تستعد لعرض عسكري مهيب في قلب بكين… جيش قوي لعصر جديد بتقنيات الذكاء والسرعة والسيطرة

كتب : عبدالعزيز سلام
الإعلامي بالتلفزيون الصيني.
تستعد الصين لتنظيم عرض عسكري مهيب يوم الثالث من سبتمبر المقبل في ساحة تيان آن من الشهيرة وسط العاصمة بكين، بحضور القائد الأعلى للقوات المسلحة، الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، رئيس الدولة، شي جين بينغ. هذا الحدث المنتظر لا يقتصر على كونه استعراضًا للقوة، بل يشكل إعلانًا صريحًا عن جاهزية الصين لحماية سيادتها، والدفاع عن أمنها القومي، وترسيخ مكانتها كقوة عالمية لا يُستهان بها في ظل نظام دولي يشهد تحولات متسارعة.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده صباح اليوم المكتب الإعلامي لمجلس الدولة، حيث كشف اللواء وو تسه كه، نائب مدير مكتب قيادة العرض العسكري ونائب مدير إدارة العمليات بهيئة الأركان المشتركة، ، عن التفاصيل الرسمية لهذا العرض العسكري الكبير الذي سيكون بمثابة لوحة بانورامية متكاملة تُظهر مدى تقدم الجيش الصيني من حيث التنظيم والجاهزية والتكنولوجيا الحديثة.
يتكوّن العرض العسكري من ثلاثة محاور رئيسية:
أولاً: تشكيلات المشاة – إعادة رسم هيكل الجيش بعقيدة جديدة
تشكل وحدات المشاة محورًا رئيسيًا في العرض، حيث ستعرض الصين من خلالها التطورات التي شهدتها بنية الجيش بعد عملية الإصلاح وإعادة الهيكلة العميقة التي أطلقتها القيادة المركزية في السنوات الأخيرة. وستُظهر هذه التشكيلات كيف نجح الجيش في مواءمة هيكله وفقًا لمفهوم “الدمج الثلاثي” — أي دمج القوات البرية والبحرية والجوية في وحدات قتالية أكثر تكاملًا، ما يعزز جاهزية الجيش لمختلف أنواع الحروب في بيئات متنوعة.
ويعد هذا الجانب تجسيدًا حيًا للرؤية الصينية ببناء “جيش قوي لعصر جديد”، وهو الشعار الذي بات مرادفًا لإستراتيجية التحديث العسكري التي يقودها الرئيس شي جين بينغ، حيث لم يعد الجيش يقتصر على التعداد الكبير، بل بات يعتمد على الكفاءة، والسرعة، والذكاء الاصطناعي، والتكامل بين أفرع القوات المسلحة.
ثانيًا: معدات متطورة – تجلٍّ لقوة الابتكار العسكري الصيني
أما تشكيلات المعدات، فستُظهر ما وصفه اللواء وو بـ”النتائج الأحدث في بناء منظومة التسليح الصينية”، حيث سيتم استعراض آليات وأسلحة حديثة جميعها صناعة وطنية بالكامل، ما يعكس مدى اعتماد الصين على قدراتها الذاتية في تطوير السلاح، وانفكاكها التدريجي عن الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية.
ومن خلال التشكيل الجماعي والمركب لهذه الوحدات، سيتم تجسيد مفاهيم “القيادة المشتركة” و”التنفيذ الموحد” و”الدعم اللوجستي المتكامل”، وهي مفاهيم عسكرية متطورة تعكس تحول الجيش الصيني من قوات تقليدية إلى جيش عصري يشبه في أدائه الجيوش المتقدمة الكبرى في العالم – بل ويتفوق عليها في بعض المجالات التقنية، مثل أنظمة الدفاع الجوي، والصواريخ الباليستية، والاتصالات العسكرية المشفرة.
ثالثًا: التشكيلات الجوية – السيادة في السماء
يشكّل الطيران العسكري في هذا العرض أحد أبرز عناصر الإبهار والاستراتيجية في آنٍ معًا. التشكيلات الجوية ستركّز على إبراز المستوى المنظومي المتطور للقوات الجوية الصينية، والقدرة العالية على الانتشار والردع والتدخل السريع، خاصة مع إدماج مقاتلات الجيل الخامس والطائرات المسيرة في العرض.
ويؤكد خبراء عسكريون أن مشاركة هذه التشكيلات الجوية في العرض تمثل رسالة واضحة عن تطور قدرات الصين في مجال التفوق الجوي، وأنها باتت قادرة على خوض المعارك الحديثة التي تعتمد على الهيمنة في الجو والفضاء السيبراني.
عرض للقوة الذكية – أسلحة المستقبل حاضرة في الميدان
ومن بين أبرز ما سيميز هذا العرض – بحسب تصريحات المسؤولين – مشاركة أنواع جديدة من القوات والأسلحة المتقدمة، من بينها:
الروبوتات العسكرية وأنظمة القتال غير المأهولة•
الوحدات المتخصصة في الهجوم والدفاع الإلكتروني (الحرب السيبرانية) •
قوات العمليات تحت الماء•
الأسلحة فرط الصوتية (Hypersonic Weapons) •
كلها تأتي لتؤكد أن الصين لم تعد تطور جيشًا تقليديًا فقط، بل جيشًا مدعومًا بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة والابتكار الوطني الخالص.
رسالة واضحة للعالم
اللافت في هذا العرض أنه لا يوجّه رسائل تهديد، بل رسائل طمأنة. فهو إعلان عن عزم الصين الحفاظ على السلام والاستقرار، ولكنه في الوقت ذاته تأكيد على أن البلاد مستعدة للدفاع عن سيادتها بكل ما أوتيت من قوة. كما أن اعتماد العرض بالكامل على معدات من صناعة صينية يؤكد نضوج صناعة الدفاع في البلاد، وبلوغها مراحل متقدمة من الاكتفاء الذاتي.
الصين وجيشها… بين التاريخ والمستقبل
من خلال هذا الحدث الضخم، تثبت الصين أنها لم تعد فقط قوة اقتصادية هائلة، بل أيضًا قوة عسكرية استراتيجية ذات بُعد عالمي. جيشها اليوم لا يُقاس فقط بعدد الجنود والدبابات، بل بمستوى التنظيم، والقدرة على الابتكار، وسرعة التحديث، والجاهزية المتكاملة. عرض 3 سبتمبر سيكون لحظة فارقة في التاريخ العسكري الصيني، وسيظل علامة فارقة في الذاكرة الوطنية للعصر الجديد