أمن وحوادث

العنف الذكوري… سلاح قاتل يصيب النساء نفسياً وقد يدفعهن إلى الانتحار”

 

كتبت :إيمان خالد خفاجي

تزايدت في السنوات الأخيرة حالات العنف الذي يمارسه بعض الرجال ضد النساء، لتتحول البيوت أحياناً من أماكن أمان إلى ساحات خوف وصمت. هذا العنف لا يترك آثاره على الجسد فحسب، بل يمتد ليكسر النفس ويدمر الروح، وقد يقود بعض النساء إلى التفكير في إنهاء حياتهن هرباً من الألم النفسي المستمر.

تعريف العنف ضد المرأة:

يُعرف العنف ضد المرأة بأنه أي سلوك أو فعل يقوم به الرجل يؤدي إلى أذى جسدي أو نفسي أو لفظي أو اقتصادي للمرأة. ويشمل الضرب والإهانة والتحكم المفرط والعزل الاجتماعي والابتزاز العاطفي، وحتى المنع من العمل أو التعليم.

تؤكد الأمم المتحدة أن واحدة من كل ثلاث نساء حول العالم تتعرض لشكل من أشكال العنف، وهو رقم صادم يعكس حجم الأزمة.

أسباب تفشي الظاهرة:

تتعدد الأسباب بين ثقافية واجتماعية واقتصادية.

فبعض المجتمعات لا تزال تبرر العنف باسم “الرجولة” أو “التربية”.

وهناك رجال يشعرون بالتهديد من استقلال المرأة الاقتصادي أو نجاحها المهني.

كما تلعب الأزمات المادية والضغوط النفسية دوراً كبيراً في تفجر العنف داخل الأسر.

وفي بعض الحالات، يكون الإدمان أو الجهل أو غياب الوعي الديني الصحيح سبباً مباشراً لتلك التصرفات.

الأثر النفسي والاجتماعي على المرأة:

العنف المتكرر يزرع الخوف وفقدان الثقة بالنفس. تشعر المرأة بأنها أقل قيمة، وتفقد الأمل في التغيير أو النجاة. ومع تكرار الإيذاء دون دعم أو حماية، تتفاقم الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة.

وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن النساء اللاتي يتعرضن للعنف المنزلي أكثر عرضة بمرتين إلى ثلاث مرات لمحاولات الانتحار مقارنة بغيرهن.

العنف والانتحار… علاقة مؤلمة:

الانتحار لا يكون قراراً لحظة واحدة، بل نتيجة تراكم طويل من الإهانة والتهميش والعزلة. المرأة التي لا تجد صوتاً يسمعها أو قانوناً يحميها قد ترى في الموت الخلاص الأخير.

قصص عديدة من دول عربية وأجنبية توثق حالات انتحار لنساء بعد سنوات من العنف الزوجي أو الاغتصاب أو الابتزاز. وفي بعض الحالات، تكتب الضحية رسائل تروي فيها حجم الألم الذي لم يره أحد. جهود الدولة والمجتمع:

في مصر، بدأت حملات توعية كثيرة منها حملة “اتكلمي” التابعة للمجلس القومي للمرأة، والتي تشجع السيدات على الإبلاغ عن العنف وعدم الصمت. كما أن القانون المصري يشدد العقوبة على كل من يعتدي على المرأة جسدياً أو نفسياً.

ومع ذلك، لا تزال الحاجة قائمة إلى تغيير ثقافة المجتمع ودعم الضحايا نفسياً واجتماعياً عبر مراكز متخصصة وخطوط ساخنة للحماية.

العنف ضد المرأة ليس مجرد تصرف فردي، بل مرض اجتماعي يهدد استقرار الأسرة والمجتمع بأكمله. كل امرأة تتعرض للعنف هي إنذار لنا جميعاً بأن هناك خللاً يجب إصلاحه.

وحتى يتوقف نزيف الألم، لا بد أن نقف معاً ضد العنف، نربي أبناءنا على الاحترام والمساواة، ونعيد للمرأة حقها في الحياة الكريمة الآمنة، بعيداً عن الخوف… وبعيداً عن فكرة الموت كمهرب من العذاب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى