عرب وعالم

القوات الباكستانية في حالة تأهب قصوى على حدود أفغانستان بعد توقف القتال والتجارة

وُضعت القوات الباكستانية في حالة تأهب قصوى على الحدود مع أفغانستان، عقب قتال عنيف بين الجانبين خلال مطلع الأسبوع، أسفر عن مقتل العشرات، وأثار اهتمام الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أبدى استعداده للتدخل والمساعدة في إنهاء الصراع.

وأظهرت صور التُقطت يوم 13 أكتوبر 2025 في تورخام بباكستان صفوفاً من الشاحنات المحملة بالبضائع المتجهة إلى أفغانستان بانتظار إعادة فتح الحدود، بعد اشتباكات بين قوات الأمن الباكستانية والأفغانية.

وقال ممثل عن قطاع الصناعة في باكستان إن التجارة الحدودية بين البلدين توقفت إثر قرار إسلام آباد إغلاق المعابر الممتدة على طول الحدود البالغ طولها 2600 كيلومتر، ما أدى إلى تكدس عشرات الشاحنات المحملة بالبضائع على الجانبين.

وشهدت المنطقة أعنف مواجهة بين الجارتين منذ عودة حركة “طالبان” إلى الحكم في كابل عام 2021، حيث قضى عشرات المقاتلين في الاشتباكات التي اندلعت مساء السبت.

كما شارك أقارب وجنود في جنازة الجندي فيصل خان الذي قُتل في معارك الحدود بإقليم خيبر بختونخوا الباكستاني، في إشارة إلى تصاعد حدة التوتر بين الجانبين.

اندلع القتال بعد أن طالبت إسلام آباد حركة “طالبان” باتخاذ إجراءات ضد المتشددين الذين كثّفوا هجماتهم داخل باكستان، متهمة الحركة بإيواء عناصر تعمل من ملاذات آمنة في الأراضي الأفغانية، بينما نفت طالبان وجود أي متشددين باكستانيين داخل أفغانستان.

وأعلن الجيش الباكستاني مقتل 23 من جنوده في المواجهات، في حين أكدت حركة “طالبان” مقتل 9 من مقاتليها. وأشار كل طرف إلى سقوط قتلى إضافيين في صفوف الطرف الآخر، دون إمكانية التحقق من تلك المزاعم من مصادر مستقلة.

وقال مسؤول أمني باكستاني كبير لوكالة “رويترز” إن جميع نقاط الدخول أُغلقت منذ السبت عقب ما وصفه بـ”هجمات غير مبررة” من قوات طالبان الأفغانية. وأكد مسؤول ثانٍ وقوع اشتباكات محدودة بالأسلحة الصغيرة مساء الأحد، لكنه أشار إلى أن الوضع العام “اتسم بالهدوء”.

ولم يصدر تعليق فوري من الجيش الباكستاني، بينما قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية، عناية الله خوارزمي، إن “الوضع الحالي على الحدود طبيعي” دون الخوض في التفاصيل.

أما وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي، فقال خلال زيارته للعاصمة الهندية نيودلهي – الأولى منذ عام 2021 – إن أفغانستان “لا ترغب في القتال ضد أحد”، مؤكداً أن علاقاتها مع جيرانها الآخرين “طيبة”، مضيفاً: “الحرب ليست حلاً للمشكلات، والحوار هو الطريق الوحيد.”

وأكد مسؤول حكومي باكستاني كبير أن المعابر الحدودية أُغلقت أمام المركبات والمشاة، كما أُغلقت المكاتب الحكومية الباكستانية التي تتعامل مع شؤون التجارة والإدارة.

وقال ضياء الحق سرحدي، نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة الباكستانية – الأفغانية المشتركة، إن الحاويات والشاحنات المحملة بالبضائع عالقة على جانبي الحدود، موضحاً أن تلك المركبات تحمل فواكه وخضراوات طازجة وبضائع تجارية وواردات وصادرات، ما يتسبب في خسائر بملايين الروبيات للبلدين وللتجار.

وتُعدّ باكستان المصدر الرئيسي للسلع والإمدادات الغذائية لأفغانستان التي تعاني من الفقر ولا تمتلك منفذاً بحرياً.

وأثار التصعيد الحدودي اهتمام الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قال إنه سيركز على هذا الصراع قريباً. وأضاف خلال رحلته من واشنطن إلى إسرائيل في إطار جهود وقف الحرب في غزة:
“سمعت أن هناك حرباً تدور الآن بين باكستان وأفغانستان، وسأتابعها عند عودتي، فكما تعلمون أنا بارع في حل الحروب وصنع السلام.”

من جانبها، أعربت الصين عن قلقها البالغ إزاء المواجهات، معلنة رغبتها في الوساطة والتهدئة بين الطرفين.

في المقابل، قال متحدث باسم حكومة “طالبان” إن القوات الأفغانية قتلت 58 جندياً باكستانياً واحتلت مؤقتاً أكثر من 20 موقعاً عسكرياً في عمليات انتقامية ليلية على طول خط دوراند، بينما أكد المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد مقتل 9 جنود أفغان في تلك المعارك، دون إمكانية تأكيد هذه الأرقام من مصادر مستقلة.

وأوضح مجاهد أن القتال توقف بناءً على طلب من قطر، وأن قوات “طالبان” تتمركز حالياً في مواقع دفاعية، لكنه أشار إلى استمرار الهجمات الباكستانية.

ودعت قطر والسعودية وإيران الجانبين إلى ضبط النفس.

وأشار التقرير إلى أن الطائرات الباكستانية نفذت الخميس الماضي غارات جوية على العاصمة الأفغانية كابل للمرة الأولى، واستهدفت غارات أخرى سوقاً في إقليم باكتيكا الحدودي، وردّت طالبان بهجمات انتقامية على طول خط دوراند المتنازع عليه.

وقال مجاهد إن تنظيم “داعش خراسان” ينشط داخل الأراضي الباكستانية بدعم من عناصر في الجيش الباكستاني، مؤكداً أن الهجمات التي استهدفت مسؤولين وشخصيات دينية وبعثات دبلوماسية خُطط لها من باكستان.

واختتم مجاهد قائلاً إن أفغانستان تحتفظ بحقها في الدفاع عن سيادتها، محذراً من أن أي عدوان جديد سيقابل بردّ قوي من جانب “طالبان”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى