تقرير: دول عربية وإسلامية أبدت مخاوفها من ضم توني بلير إلى «مجلس السلام» في غزة

أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتعيين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير عضوًا في مجلس السلام الخاص بغزة جدلاً واسعًا في الأوساط الدبلوماسية العربية والإسلامية.
تقول فايننشال تايمز إن دبلوماسيين عرب ومسلمين عبّروا عن مخاوف من أن تؤدي هذه الخطوة إلى تهميش الدور الفلسطيني في إدارة القطاع خلال المرحلة الانتقالية بعد الحرب.
تخشى دول عربية وإسلامية من أن تُعيد رؤية بلير منطق الوصاية الغربية على المنطقة.
ويرى بعض الدبلوماسيين أن ماضيه السياسي، وخصوصًا دعمه الغزو الأميركي للعراق عام 2003، جعله شخصية مثيرة للريبة.
وقال أحد الدبلوماسيين العرب إنّ “التحفّظ ليس فقط بسبب الماضي، بل لأن رؤيته للحلول غالبًا ما تُغفل البعد العربي وتُعلي المقاربة الغربية”.
منذ مغادرته منصبه عام 2007، حاول بلير لعب دور الوسيط في الشرق الأوسط، لكنه واجه انتقادات متكررة.
فقد اتهمته فصائل فلسطينية بالانحياز لإسرائيل، بينما اعتبرته عواصم عربية أداة للسياسات الغربية.
ومع ذلك، ما زال يحتفظ بعلاقات قوية مع واشنطن ولندن وتل أبيب، وهو ما يزيد المخاوف من تغليب المصالح الغربية على حساب المطالب الفلسطينية.
يهدف مجلس السلام إلى الإشراف على إعادة إعمار غزة وإدارة المرحلة السياسية المقبلة.
لكن غياب التمثيل العربي والفلسطيني في المجلس يُثير تساؤلات حول مدى شفافية مهامه.
ويعتقد دبلوماسيون أن إشراك بلير قد يعقّد جهود التهدئة بدلًا من تسهيلها، خاصة إذا شعر الفلسطينيون بأن القرارات تُتخذ دون مشاركتهم الحقيقية.
ترى فصائل فلسطينية أن تعيين بلير سيقوّض فرص المصالحة ويُعيد فرض الوصاية الدولية على القطاع.
وتتوقع مصادر دبلوماسية عربية أن يواجه المجلس مقاومة سياسية وشعبية في غزة، ما قد يُعرقل أي اتفاقات ميدانية أو ترتيبات أمنية لاحقة.
في المقابل، تعمل بعض الدول العربية والإسلامية على صياغة مقترح بديل لتشكيل مجلس إدارة مؤقت.
ويضم المقترح شخصيات عربية محايدة إلى جانب شركاء دوليين، مع تمثيل فلسطيني مباشر يضمن الشفافية والقبول الشعبي.
ويؤكد دبلوماسي عربي أن نجاح أي خطة لإعمار غزة يتطلب تفاهمًا عربيًا–فلسطينيًا حقيقيًا، لا إدارة خارجية مفروضة من واشنطن أو لندن.
يرى مراقبون أن واشنطن تسعى من خلال تعيين بلير لاختبار ردود الفعل الإقليمية تجاه إشراف غربي على غزة.
لكن استمرار الرفض العربي قد يجبرها على إعادة النظر في تركيبة المجلس أو تقليص دور بلير.
ومن ناحية أخرى، يحذّر محللون من أن أي تجاهل للموقف العربي سيُضعف فرص نجاح التسوية السياسية، خصوصًا في ظل انقسام المواقف داخل الساحة الفلسطينية نفسها.
أعاد قرار واشنطن تعيين توني بلير إلى الواجهة الجدل حول مدى صدق نياتها في دعم استقرار غزة.
فرغم خبرته السياسية، إلا أن تاريخه في العراق ومواقفه السابقة من الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي يجعلان من الصعب تقبّله كوسيط محايد.
وفي النهاية، يبقى مستقبل المجلس مرهونًا بقدرة الولايات المتحدة على بناء شراكة حقيقية مع العرب والفلسطينيين، لا فرض حلول من الخارج.




