الرئيسيةمقالات الرأي

د. ليلى الهمامي تكتب : الوجوه المصنَّعة: قراءة في هندسة البدائل السياسية وصعود الإخوان بملامح جديدة

 

بقلم: د. ليلى الهمامي

أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة لندن

 

حسمتُ منذ زمن قناعتي بأن تقدّم المجتمعات العربية لا يمكن أن يتحقق خارج إطار ديمقراطية حقيقية. غير أنّ الديمقراطية ليست شعاراً يُرفع، بل منظومة تتطلب حدّاً أدنى من العدالة الاجتماعية، والوعي، والمعرفة، والثقافة الحقوقية. ومن دون هذه الأسس يصبح الحديث عن الديمقراطية مجرّد ترف سياسي أو غطاء لأجندات أخرى.

 

الإشكال الذي يستوقفني اليوم ليس في منظومات الحكم القائمة، بل في البدائل التي يُسوَّق لها. هذه البدائل، للأسف، لا تختلف كثيراً عمّا تنتقده؛ بل تسعى أحياناً إلى إعادة إنتاج الإشكال نفسه ولكن بصور أشدّ حدّة، وأكثر ارتباطاً بمراكز النفوذ الأجنبية. وهنا أقولها بوضوح: كثيرٌ مما يُقدَّم لنا على أنه “معارضة” أو “ضحايا” هو في الحقيقة منتج لعمليات تصنيع سياسي خارج حدودنا.

 

يكفي أن نراقب تحركات بعض الدبلوماسيين في عواصم المنطقة، أو ذلك الزخم الإعلامي الغربي المبالغ فيه حول شخصيات مجهولة، لتتضح معالم صناعة بدائل سياسية مصممة سلفاً في المخابر الأجنبية. ديمقراطية على المقاس، ديمقراطية تقصي وتخيف وتعيد إنتاج الهيمنة بالوجوه ذاتها ولكن بأقنعة جديدة.

 

قطر، تركيا، والدوائر الغربية بمختلف مستوياتها، باتت جميعها لاعبين أساسيين في صياغة “معارضات كرتونية” تدين لها بالولاء—غالباً أو جزئياً—وتقدَّم لنا على أنها الخلاص القادم.

 

في هذا السياق ظهرت، في الآونة الأخيرة، أسماء قفزت من العدم إلى النجومية. ومن باب المثال وليس الشخصنة، أذكر شيماء عيسى، التي تُروَّج كمدافعة عن الديمقراطية بينما تحيط بها إشارات واضحة إلى ارتباطات سابقة بتنظيمات إسلامية استفادت من موجة الربيع العربي، وهو ما يطرح سؤالاً مشروعاً: كيف تُصنع هذه الرموز؟ ومن يضخّ وراءها هذا التأييد المفاجئ؟

 

الأمر يتكرر في ملفات أخرى، من بينها قضية “التآمر على أمن الدولة”. بعيداً عن خصوصيات الملف، يظل السؤال قائماً: من يصنع هذه القيادات المفترضة؟ ومن يمنحها الشرعية الرمزية بينما لا ترتبط فعلياً بالقيادة ولا بالنضال، بل بعلاقات مع جهات أجنبية تعمل وفق خطط مدروسة؟

 

وأعود لأوضح: لست سياسية ولا أبحث عن موقع أو منصب. لا أدّعي البطولة ولا الوطنية الخشنة أو الناعمة. ولست معنية بالتنافس مع “النجمات” لا في السياسة ولا على منصات الموضة. أكتب فقط لأفتح نقاشاً صريحاً وواضحاً، دون ادعاء ولا مجاملة، ولأعبّر عن رأي مجرّب بعد سنوات مضت وانتهت بكل ما حملته من مرارة وخبرة.

 

هذا للتوضيح.. وللحديث بقية كلما استدعت الساحة العربية المزيد من التفكيك.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى