في الذكرى الـ104 لتأسيسه: الحزب الشيوعي الصيني .. دعامة للشعب وقوة محركة للاستقرار والتنمية في العالم
2025-07-02
بقلم: وانغ جيا شيوان (أنيس)، باحث في مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين
في يوم الثلاثاء الماضي، الموافق الأول من يوليو، احتفل الحزب الشيوعي الصيني بمرور 104 أعوام على تأسيسه. وعلى مدى أكثر من مائة عام، سجل الحزب إنجازات بارزة تركت بصمة عميقة في تاريخ الصين. وبحسب آخر الأرقام، فحتى نهاية عام 2024، تجاوز عدد أعضاء الحزب 100 مليون عضو، مع وجود نحو 5.25 مليون منظمة حزبية قاعدية في مختلف أنحاء البلاد، بما يجعله أكبر حزب ماركسي حاكم في العالم.
منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، تولى الحزب قيادة المسيرة التاريخية للانتقال من حالة الفقر المدقع إلى أن أصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، محققاً طفرة نوعية في مسيرة التحديث.
— معجزة القضاء على الفقر
في عام 2021، أعلنت الصين تحقيق انتصار شامل في معركتها ضد الفقر، حيث تم انتشال جميع الفقراء الريفيين، البالغ عددهم 98.99 مليون نسمة من براثن الفقر، إضافة إلى انتشال جميع المحافظات الـ832 المصنفة فقيرة كذلك، مما أسفر عن القضاء التام على الفقر المدقع. ومنذ ذلك الحين، دخل مئات الملايين من الناس حياة جديدة في مجتمع ينعم برغد العيش على نحو معتدل. ويعني ذلك أن الصين حققت أكبر انتصار في تاريخ البشرية في معركة مكافحة الفقر، إذ يعادل عدد من تم انتشالهم من براثن الفقر سنويا عدد سكان دولة متوسطة الحجم، كما أن الصين بلغت هدف الحد من الفقر الوارد في خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 قبل موعده بعشر سنوات.
هذا الإنجاز البارز لم يحسّن فقط من مستوى رفاهية الملايين، بل قدم أيضا تجربة ثمينة و”حلا صينيا” يحتذى به عالميا في مجال مكافحة الفقر. وتُجسّد مسيرة مكافحة الفقر بقيادة الحزب الشيوعي الصيني مسؤولية الحزب الحاكم ورسالته تجاه الشعب، كما تُمثّل مرجعا مُلهما لدول العالم الساعية إلى الحد من الفقر، بما في ذلك بعض الدول العربية.
— من أجل تنمية يشارك فيها الجميع
على مدى أكثر من عقد من الزمن مضى منذ انعقاد المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني في عام 2012، طرح الحزب مفهوم التنمية المتمحورة حول الشعب، مؤكدا على أن التنمية تكون من أجل الشعب، وبالاعتماد على الشعب، ويتقاسم ثمارها الشعب، وقد أنشأ الحزب نظاما تنسيقيا يعكس هذا المفهوم، وجعل من التنمية الشاملة للشعب جوهرا لعملية التحديث. وتحت قيادة الحزب، نجحت الصين في بناء أكبر نظام تعليمي، ونظام للضمان الاجتماعي ونظام طبي وصحي في العالم، مما أدى إلى تحسن مستمر في حياة الشعب في جميع المجالات.
يعدّ دفع التحديث الصيني النمط من أهم الرؤى التنموية للصين اليوم، حيث يتقاسم أبناء الشعب الصيني ثماره. ويركز التحديث الصيني النمط على الشراكة المجتمعية والعدالة في التوزيع، بما يجنب الوقوع في معضلة المواجهة الاجتماعية الناجمة عن اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء التي رافقت عملية التحديث الغربي، كما يضمن مشاركة الجميع في ثمار التنمية.
— إضفاء الاستقرار على عالم مضطرب
في عالم يعج بالتحديات والتحوّلات، ظل الحزب الشيوعي الصيني متمسكا على الدوام بالفلسفة الدبلوماسية القائمة على التنمية السلمية والتعاون المربح للجميع، ملتزما بأن يكون عنصر استقرار يسهم في الحفاظ على السلام والتنمية على مستوى العالم. ويؤكد الرئيس الصيني شي جين بينغ مرارا أن الصين “ستبقى متمسكة بطريق التنمية السلمية، وستواصل أن تكون بانية للسلام العالمي، ومساهمة في التنمية الدولية، وحامية للنظام العالمي”.
لقد أطلقت الصين مبادرات كـ”الحزام والطريق” والمبادرات العالمية الثلاث للتنمية والأمن والحضارة، بغية تبادل خبرتها التنموية مع العالم. كما روجت لمفهوم “مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية”، داعية إلى الحوار وليس للمواجهة، والشراكة وليس للتكتّلات، في سبيل إضفاء المزيد من الاستقرار والقدرة على التنبؤ في عالم مضطرب.
تمضي الصين على مسارها الخاص نحو تحقيق أهدافها التنموية الممتدة على مدى قرن، بينما تسعى في الوقت ذاته إلى الحفاظ على السلام العالمي ودعم التنمية المشتركة. هذا الطريق الصيني لا يمثل فقط طريقا مشرقا للشعب الصيني نحو حياة أفضل، بل يعد أيضا طريقا عادلا لتعزيز السلام والتنمية العالميين. ومع انطلاق المسيرة الجديدة، سيواصل الحزب التمسك بنموذجه التنموي المستقل وسياسته الخارجية السلمية، مواصلا دوره في توفير الاستقرار وبث الثقة في التنمية للعالم، ومقدما مساهمات جديدة وأكبر لقضية السلام والتقدم للبشرية.