
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه يدرس إمكانية إجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، في خطوة قد تمثل تحولاً مفاجئاً في مسار العلاقة التي شهدت توتراً حاداً خلال الأشهر الأخيرة. وجاء الإعلان خلال حديث ترامب لعدد من الصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، حيث قال: «قد أتحدث معه… سنرى. نحن نناقش الأمر مع المسؤولين، وربما نتواصل مع فنزويلا».
وأكد ترامب أن واشنطن منفتحة على كل الخيارات، مضيفاً: «إذا استطعنا القيام بالأمور بالطريقة السهلة، فلا بأس. وإذا اضطررنا للقيام بها بالطريقة الصعبة، فلا بأس أيضاً». وتُعد هذه اللهجة جزءاً من السياسة الأمريكية في التعامل مع الأنظمة التي تصنفها واشنطن بأنها “غير متعاونة”.
وتأتي هذه التصريحات بعد تقرير نشره موقع «أكسيوس» كشف فيه أن ترامب أبلغ مقربين منه عن رغبته في التحدث مباشرة مع مادورو. وبحسب المصادر الواردة في التقرير، فإن المكالمة ما زالت في مرحلة الإعداد ولم يُحدد موعد رسمي لها، بينما ظل مضمون الرسائل المتوقع تداولها بين الطرفين غير واضح.
وتعيش العلاقات الأمريكية ـ الفنزويلية واحدة من أكثر مراحلها توتراً، خصوصاً منذ إعلان ترامب الشهر الماضي السماح بتنفيذ ضربات عسكرية ضد زوارق قالت الولايات المتحدة إنها جزء من شبكات تهريب المخدرات، وتعمل في مياه البحر الكاريبي تحت حماية النظام الفنزويلي. وأسفرت الضربات عن تدمير عشرات الزوارق ومقتل أكثر من 80 شخصاً، وفق ما أعلنته واشنطن.
في المقابل، وصف مادورو العمليات الأمريكية بأنها «انتهاك للسيادة»، بينما استمرت واشنطن في اتهام حكومته بالتورط في دعم عمليات التهريب. ومع ذلك، فقد أكد ترامب مراراً أن الولايات المتحدة لا تخطط لشن حرب على كاراكاس، لكنه قال في تصريحات سابقة إن «أيام مادورو باتت معدودة».
ويثير احتمال المكالمة بين ترامب ومادورو تساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن بصدد إعادة تقييم سياستها المتشددة تجاه فنزويلا، أم أن الاتصال جزء من استراتيجية ضغط جديدة. بعض المحللين يرى أن إدارة ترامب قد تكون تسعى لاستغلال المكالمة المحتملة لفرض شروط جديدة أو اختبار موقف مادورو من تسويات محددة، خاصة فيما يتعلق بالنفوذ الإيراني والروسي داخل البلاد.
ومن جانبه، لم يصدر تعليق رسمي من الحكومة الفنزويلية بشأن الاستعداد لإجراء اتصال أو شروطه. غير أن مراقبين محليين يشيرون إلى أن كاراكاس قد ترحب بأي فرصة لفتح قناة تواصل رسمية مع واشنطن، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها البلاد.
كما يشير خبراء علاقات دولية إلى أن الاتصال المحتمل يأتي أيضاً في سياق التحولات الجارية في سياسة الولايات المتحدة تجاه دول أمريكا الجنوبية، خاصة بعد ارتفاع مستوى التوترات العسكرية في المنطقة وانتشار النفوذ الأجنبي فيها.
أما داخل الولايات المتحدة، فيستمر الجدل حول كيفية التعامل مع فنزويلا. فبينما يدعم بعض المسؤولين خيار الانفتاح على الحوار لإعادة ترتيب أوراق الضغط، يرى آخرون أن أي مكالمة مباشرة قد تُفسر على أنها رسالة ضعف، خصوصاً بعد سنوات من العقوبات والتهديدات.
ومع انتظار موقف رسمي أكثر وضوحاً خلال الأيام المقبلة، يبقى الاتصال المحتمل بين ترامب ومادورو حدثاً قد يعيد خلط الأوراق في ملف شائك طالما هيمن على السياسة الأمريكية في أمريكا اللاتينية. كما أن تأثيره سيمتد ليشمل المشهد الداخلي في فنزويلا، التي تواجه أزمة اقتصادية واجتماعية متفاقمة منذ سنوات.
ويبقى السؤال الأبرز: هل يمهّد الاتصال لتقارب محتمل أم سيكون مجرد خطوة تكتيكية ضمن لعبة الضغوط المتبادلة؟ الإجابة ستتضح مع الوقت، لكن المؤكد أن أي تحرك جديد من واشنطن سيترك أثره على مستقبل الأزمة الفنزويلية.


