الرئيسيةمقالات الرأي

كريم المصري يكتب : “الوطنية” .. ساعة تروح.. وساعة تيجي!

 

الكوميديا ليست دائماً في الأفلام .. ففي فيلم “إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين” الخالد، قدم لنا الفنان حسن أتله واحدة من أطرف المقولات السينمائية: “عندي شعرة ساعة تروح.. وساعة تيجي” .. كانت تلك الكلمات تعبيراً عن حالة من الفوضى واللااستقرار في نفسيته.. لكن يبدو أن هذه الجملة وجدت تطبيقاً عملياً جديداً في عالم الإعلام، حيث تحولت “الوطنية” و”الانتماء” لدى بعض نجوم الشاشة إلى حالة أشبه باللعبة: ظهور واختفاء، هجوم وهدوء، نقد وسكوت.. كل ذلك مرتبط بساعة البث وساعة التوقف!

 

الفصل الأول: “ساعة تروح”.. رحيل البرنامج ورحلة الهجوم!

 

لنكن صريحين: ما يحدث يشبه مسرحية مكتوبة ببرودة.. البرنامج يتوقف فجأة، وهنا تبدأ “ساعة الذهاب”..حيث تتحول صفحات التواصل الاجتماعي إلى منصات لإطلاق النيران:

 

.. بسمة وهبة كانت صاحبة السبق عندما ذهبت إلى أمريكا لتعلن للعالم أن مصر “لا يوجد بها حرية رأي”، في اتهام غريب من إعلامية عاشت وعملت في مصر لسنوات، واستفادت من مساحات التعبير الواسعة.. لكن الغريب أن هذه الصرخة “تتبخر” بمجرد عودة برنامجها للشاشة!

 

.. لميس الحديدي هي الأخرى تتحول من إعلامية متزنة إلى ناقمة على كل شيء عبر “تويتر” و”إنستغرام” فور توقف برنامجها، وكأن الوطن أصبح فجأة عدواً شخصياً!

 

.. إبراهيم عيسى وقصواء الخلالي ينضمان للركب ذاته: خطاب ناري على السوشيال ميديا ينتقد الدولة وينتقد كل شيء، لكنه بكل تأكيد سيخفت فجأة عندما يعود البرنامج!

 

الفصل الثاني: “ساعة تيجي”.. العودة إلى البرنامج والعودة إلى الصمت!

 

هنا تكمن المفارقة الكوميدية-المأساوية: بمجرد عودة البرنامج، تعود الأمور إلى “نصابها”.. تعود الابتسامات، يعود الخطاب “الوطني” المعتدل، يعود الحديث عن “مصر الحبيبة”.. وكأن شيئاً لم يحدث، وكأن الهجوم الشرس كان مجرد “حلم مزعج”!

 

السؤال الذي يفرض نفسه: أين ضمير الكلمة؟ وأين المبدأ الذي يفترض أن يكون ثابتاً كالجبل؟ هل الوطنية مجرد “ديكور” يضاف للبرنامج لاستمالة المشاهدين؟ وهل الانتماء مجرد “سكريبت” يقرأ ثم يرمى!

 

الفصل الثالث: “المستشفى” الحقيقي.. من هم المرضى ومن هم الأطباء؟

 

في فيلم إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين كان المستشفى مليئاً بالمرضى والأطباء في نفس الوقت.. وفي مشهدنا الإعلامي الحالي، يبدو أن الخطوط قد التبست أيضاً:

 

المرضى: هم أولئك الذين يعانون من “انفصام الموقف الوطني”، حيث يتغير موقفهم من الوطن بتغيير عقود عملهم.

الأطباء: هم الجمهور الواعي الذي يرى التناقض، ويسأل ببراءة: “الدولة.. سبوبة أم مبدأ؟”.

 

 الوطن ليس “ريموت كونترول”!

 

بكل تأكيد الوطن ليس زرّاً في “ريموت” نضغط عليه عند الحاجة..الوطن ليس برنامجاً نفتحه ونغلقه حسب المزاج.. الوطن ليس “سبوبة” نستغلها وقت الغضب وننساها وقت الرضا.

 

الوطن هو البيت الكبير الذي يحمينا جميعاً، وهو الشرف الذي لا يباع ،وهو المبدأ الذي لا يتزعزع.

 

أقول لهؤلاء: الكلمة أمانة، والوطنية ليست “عرضاً” نقدمه في البرنامج ثم نسحبه خلف الكواليس..الوطن يستحق أكثر من حب “ساعة تروح.. وساعة تيجي”..الوطن يستحق حباً ثابتاً، صادقاً، لا يتأثر بعقود ولا يخضع لتوقيتات!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى