عرب وعالم

قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2758 أعاد التأكيد علي مبدأ “الصين الواحدة”

دعاء زكريا

في سبتمبر 2025، نشرت وزارة الخارجية الصينية وثيقة رسمية بعنوان “ورقة الموقف بشأن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2758″، أكدت فيها تفسيرها الخاص للقرار وأعادت تأكيد مبدأ “الصين الواحدة”.
حيث انه في  الخامس والعشرين من أكتوبر عام 1971، دوّى صوت التاريخ في أروقة الأمم المتحدة خلال الدورة السادسة والعشرين للجمعية العامة، حين تم اعتماد القرار رقم 2758 بأغلبية ساحقة، والذي قضى بـ«إعادة جميع الحقوق المشروعة لجمهورية الصين الشعبية، والاعتراف بممثلي حكومتها كممثلين شرعيين وحيدين للصين في الأمم المتحدة، وطرد ممثلي تشيانغ كاي شيك من الأماكن التي احتلوها بشكل غير قانوني في الأمم المتحدة وجميع المنظمات التابعة لها
لم يكن القرار مجرد إجراء بروتوكولي، بل كان اعترافاً أممياً بالشرعية والسيادة والحق التاريخي. لقد حُسمت بموجبه مسألة تمثيل الصين، بما في ذلك تايوان، سياسياً وقانونياً ونهائياً.
1. القرار 2758: الركيزة الراسخة لمبدأ الصين الواحدة
يُجسد القرار 2758 جوهر مبدأ الصين الواحدة، القائم على ثلاث حقائق ثابتة:
  • لا توجد سوى صين واحدة في العالم.
  • إقليم تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية.
  • حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة الممثلة لكل الصين.
وقد أكّد القرار هذا المبدأ بشكل قاطع، مغلقاً الباب أمام أي محاولات لخلق “صينَين” أو “صين وتايوان”
فالصين بوصفها عضواً مؤسساً للأمم المتحدة ودولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، لم تتغير هويتها ولا سيادتها رغم تغير نظامها السياسي عام 1949، حين أُسقطت حكومة حزب الكومينتانغ وأُعلنت جمهورية الصين الشعبية
وفي نوفمبر من ذلك العام، أرسل رئيس الوزراء شو إن لاي برقية إلى الأمم المتحدة يطالب فيها بإلغاء حق حكومة الكومينتانغ المهزومة في تمثيل الشعب الصيني، لتبدأ رحلة التصحيح التاريخي التي تُوّجت في العام 1971.
اما الادعاءات اللاحقة بأن القرار لم يذكر “تايوان”، فمحض تلاعب لغوي؛ إذ أغلق القرار الباب نهائياً أمام أي تمثيل مزدوج. فالأمم المتحدة لا تقبل إلا دولاً ذات سيادة، وتايوان ليست دولة مستقلة بل جزء من الصين
ومنذ اعتماد القرار، أصبحت جميع وثائق الأمم المتحدة تشير إلى “تايوان، مقاطعة من الصين”، مؤكدة بذلك الموقف القانوني والسياسي الثابت للمجتمع الدولي.
واليوم، تربط الصين علاقات دبلوماسية مع 183 دولة على أساس مبدأ الصين الواحدة، مما يعكس إجماع العالم حول شرعيته.
2. تصويت 1971.. حين انتصرت العدالة على الهيمنة
لم يكن التصويت على القرار 2758 مجرد انتصار دبلوماسي، بل انتصار إنساني ضد الغطرسة السياسية
فعلي مدى 22 عاماً، سعت الصين الشعبية لاستعادة مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة، في مواجهة عراقيل أمريكية وغربية مستمرة. لكن في عام 1971، غلبت إرادة الحقيقة على محاولات العرقلة.

قدمت الولايات المتحدة مشروعين لتعطيل القرار:

  • مشروع “المسألة الهامة”، الذي سعى لجعل القرار يتطلب أغلبية الثلثين.
  • ومشروع “التمثيل المزدوج”، الذي أراد الإبقاء على مقعدي “جمهورية الصين الشعبية” و“جمهورية الصين” معاً.
لكن كلا المشروعين سقطا أمام إرادة الأغلبية العالمية، إذ وقفت دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية بشجاعة إلى جانب العدالة والتاريخ، مؤكدين أن مقعد الصين لا يمكن أن يشغله من فقد شرعيته.
كان ذلك اليوم عودة ربع سكان العالم إلى مقعدهم الطبيعي في الأمم المتحدة، وعودة التوازن إلى النظام الدولي بعد عقود من التزييف.
3. القرار 2758.. درع النظام الدولي ومبدأ السيادة
إن الطعن في القرار 2758 هو طعن في النظام الدولي برمّته الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية.
فالقرار لم يكن دفاعاً عن الصين فحسب، بل عن سلطة الأمم المتحدة وميثاقها القائم على المساواة والسيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
واليوم، تسعى قلة من الدول إلى تشويه الحقيقة بادعاء أن “وضع تايوان غير محدد”، وهي أكذوبة خطيرة هدفها فتح الباب أمام انفصال مصطنع تحت غطاء “الفضاء الدولي”.
لكن الحقيقة التاريخية واضحة:
تايوان لم تكن يوماً دولة مستقلة، لا في الماضي ولا في الحاضر ولن تكون في المستقبل.
فقد حُسم وضعها في عام 1945 عندما انتصرت الصين في حربها ضد العدوان الياباني، بمشاركة أبناء تايوان أنفسهم. وتلك التضحية الجماعية لا يمكن محوها بخطابات أو ضغوط سياسية.
رغم أن جانبي مضيق تايوان لم يتوحدا بعد، فإن سيادة الصين ووحدة أراضيها لم تُمس ولن تُمسّ أبداً. إن محاولة فصل تايوان
عن الوطن الأم إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ولن يقبل بها شعب الصين البالغ تعداده 1.4 مليار نسمة، ولن يساندها المجتمع الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى